December 23, 2024

من يتحمّل المسؤولية؟

خاص– موقع الملفات

تكرّر المشهد بذات تفاصيله، تناسوا هول الكارثة، وانتقلوا إلى لعبة اللوم التقليدية، وتقاذف المسؤوليات بدلاً من تحمّلها.

 السيناريو ليس الأول من نوعه، اعتدنا عليه مع أول هطول للأمطار من كل عام. فـ “الشتوة” الأولى التي بدأت كنعمة وخير من السماء، سرعان ما تحوّلت إلى كابوس أغرق لبنان وطرقاته الهشّة. بدأ الجدل المعتاد بعد ذلك حول من يجب أن يتحمّل المسؤولية، أو بالأحرى نشكره على هذا العرض الرائع لمهارات القيادة تحت الماء والتشجيع على السباحة على الأوتوستراد.

هل هي الطبيعة وأمطارها السخية، والتي لا يمكن التنبؤ بها بدقة؟ أم التغير المناخي الذي قرر زيارة لبنان؟ أم النهج الإبداعي للدولة في تقديم بنية تحتية ونظام تصريف لا نُحسد عليه؟ أم ربما أولئك الذين أتقنوا رمي النفايات في الشوارع وجعلوا منها هواية ممتعة تُهدد حياة الناس وتشلّ حركتهم.

فلنترك التساؤلات جانبًا، وننتقل إلى الكارثة التي حلّت على أوتوستراد جونيه وسائر الأوتوسترادات التي غرقت بالسيول، لعدم تصريف المياه بشكل طبيعي وسلس في المجاري. فطوفان المياه هذا تسبّبت به غزارة الأمطار وانسداد المجاري بفعل تكدس النفايات في أقنية تصريف المياه. وبالرغم من الأعمال التي قامت بها وزارة الأشغال العامة والنقل والبلديات لجهة رفع النفايات، تفادياً لأي فيضان وطوفان على الطرقات، تكرر المشهد هذا العام، والفضل يعود طبعًا للإهمال والتراكم الزائد للنفايات في تلك القنوات والبنية التحتية المتآكلة.

وفي هذا السياق، أكد وزير الأشغال العامة والنقل علي حميّة، أن العمل المستمر لورش متعهدي الوزارة ليلاً ونهاراً لا يعني مطلقاً أن يستمر البعض برميه للنفايات! وتوجه للمواطنين بالقول: “لو سمحتم بنترجاكم شو بنقلكم، قبلنا بحكم الطبيعه وتغيير المناخ ولكن مش معقول نقبل بالاستهتار من الناس والتقصير من الإدارات الأخرى وبالآخر إن حصل فيضان ما عندكم إلا الإهانات وتقاذف المسؤوليات“.

وهنا، المعطيات تؤكد أن وزارة الأشغال أرسلت كتابًا منذ حوالي الأسبوع والنصف إلى البلديات والقائمقامين والمحافظين للمباشرة بأعمال التنظيف ورفع النفايات من قنوات الصرف قبل بدء موسم الشتاء وتساقط الأمطار. لافتةً إلى أن البلديات الكسروانية أو أقله معظمها نفذت ما طلب منها بالرغم من ضعف وشح الإمكانيات المالية.

بدورها، مصادر بلدية كسروانية، تكشف حقيقة ما حصل، إذ كانت فرق الأشغال تعمل على التنظيف إما صباحًا أو في ساعات الليل المتأخرة، لتتفاجأ في اليوم التالي بانسداد القنوات مجددًا نتيجة تكدس النفايات على أنواعها بفعل رمي المواطنين لها، فتعاود عملية التنظيف مجددًا، وهكذا دواليك يوميًا إلى أن وصلت العاصفة.

وتؤكد المصادر، أن النفايات في بعض المناطق ترفع صباحًا ومساءً من قبل الشركات المختصة، فيما تتكدس ليوم أو يومين في مناطق أخرى، إلا أنه يصار على رفعها لاحقًا، ولكن في حال هطلت الأمطار ستجرفها السيول لتتكدّس في المجاري.

من جهته، يؤكد عضو مجلس بلدية الذوق، المحامي إيلي زغيب أن وزارة الأشغال والبلديات لاسيما بلدية الذوق، قاموا بالدور المطلوب منهم وعلى أكمل الوجه، مشددًا على أن المواطن هنا أو جزء منهم يتحمّل فعليًا مسؤولية ما جرى، فإهمالهم وعدم اكتراثهم بالوضع تسبّب بما حصل.

وحمّل زغيب في حديثه لموقع الملفات الغرباء عن المنطقة واللاجئين القاطنين هناك أيضاً مسؤولية كبيرة لما يجري، قائلاً: ” لا أحد يكترث، فهذا أوتوستراد دولي يمر به مواطنون من مختلف المناطق، يرمون النفايات عليه، وعند هطول الأمطار تجرفها إلى مجاري التصريف حيث تتكدس، فتطوف المياه وتغرق الطرقات”. ويضيف متسائلاً :”هي أول شتوة، شو ناطرنا لبعدين؟ الأمطار تهطل بغزارة، وإذا لم تتحمل الناس المسؤوليات وتحافظ على النظافة والبيئة، المشكلة ستبقى، وستبقى الطرقات تغرق في كل مرة“.

ويختم حديثه متوجهاً للمواطنين: ” المواطن عليه تحمل المسؤولية وأن يكون مراقباً “حتى لو كانت الدني فلتانة”، الطريق ليس مكاناً لرمي نفاياتكم، هناك أماكن مخصصة لها”، مشيراً إلى أن هذه التصرفات تؤدي إلى كوارث ” عم تطلع براس المواطنين لبيعلقوا بالسيارات وبصيروا يناشدوا لإنقاذهم“.

لكن بصراحة، أيها السادة، دعونا لا نخدع أنفسنا أقلهُ هذه المرة، ليس هناك شخص أو جهة واحدة يمكن إلقاء اللوم عليها بالكامل حتى الدولة وفشلها، لكن بدون شك، أنت أيها المواطن العزيز تتحمل المسؤولية الكبرى.

إذا كنت ترضى برمي النفايات في منزلك، على الأرض وفي غرفة نومك وعلى طاولة الطعام، عندها يحق لك رميها على الطرقات “وترجع تنق“.

المصدر : خاص موقع الملفات