في عالم الجريمة، لا مكان للصدفة، حيث تكون كل حركة مدروسة ومخطط لها بعناية ودقة لتجنب الأخطاء التي يمكن أن توقع مرتكبيها في الفخ.
ينطبق هذا الأمر بشكل خاص على عالم السرقات، حيث يتم اختيار الهدف بعد مسح ميداني شامل ودقيق للمنطقة ودراسة للبيئة المحيطة به. يتبع ذلك عمليات تقصي واستطلاع وبحث قد تستغرق أيامًا أو حتى أسابيع قبل الشروع في التنفيذ، إذ أن لا شيء يتم بين ليلة وضحاها. وبالتالي، فإن أي هدف لا يتم اختياره بالصدفة أو وفقاً للعبة الحظ، بل يستند إلى تحليل دقيق للمعطيات المستقصاة وسيل من المعلومات التي سبق وجمعها المرتكبون وفنّدوها.
ما حدث في منطقة المتن يُؤكد هذا السيناريو بشكل واضح. فمن يجرؤ على سرقة مدرسة مثل هذه لا يكون غافلاً عن ما تحتويه خلف جدرانها وأبوابها الموصدة، وما يؤكد ذلك هو هوية المدرسة التي وقع الاختيار عليها والنطاق الجغرافي الذي تقع ضمنه، ما يجعل هذه العملية غير عادية ولا تُنفذ إلا بعناية فائقة.
ليلة السبت الماضية، لم تكن مثل أي ليلة أخرى، حيث كانت أعين اللصوص تحوم وتراقب بدقة المنطقة المحيطة بالمدرسة في انتظار ساعة الصفر للانقضاض عليها، وكان الهدف هذه المرة إحدى أبرز وأعرق المدارس في المتن.
في تفاصيل الحادث، تمكنت مجموعة من اللصوص المجهولين من اقتحام مدرسة “BROUMMANA HIGH SCHOOL”، وهي إحدى أشهر المدارس في المنطقة، والقيام بعملية سرقة تُعتبر واحدة من أكبر السرقات التي حدثت في المنطقة مؤخرًا.
ووفقًا للتفاصيل، قرابة الساعة الحادية عشر من مساء يوم السبت، تسلل مجموعة لصوص مجهولون إلى المدرسة، واستخدموا القوة للدخول عبر الكسر والخلع وتوجهوا نحو الهدف وهو”الخزنات” التي تحتوي على مئات آلاف الدولارات.
استمرت عملية السرقة التي نفّذها ثلاثة أشخاص غير ملثّمين لمدة تُقارب الخمس ساعات، وكانت قيمة المبالغ الماديّة المسروقة تُقدّر بحوالي سبعين ألف دولار أميركي، بالإضافة إلى ستة مليارات ليرة لبنانية.
وتشير المعلومات إلى أن السارقين تمكنوا من فتح خزنتين بواسطة “القصّ”، فيما الثالثة عجزوا عن فتحها، ما يعني أنهم أخذوا وقتهم الكافي لإتمام عمليتهم غير آبهين بحراس الأمن.
وبعد إتمام العملية، قام اللصوص بتكبيل حارسي الأمن اللذين كانا متواجدين أمام مدخلي المدرسة بواسطة رباط بلاستيكي، ثم فروا إلى جهة مجهولة. ولوحظ أن المكان الذي اقتحموا المدرسة من خلاله لا تتمكّن كاميرات المراقبة من التقاطه، ما يؤكّد أنهم قاموا بعملية للمكان قبل البدء بالتنفيذ.
وبعد بدء التحقيقات من قبل فصيلة برمانا في قوى الأمن الداخلي، تم تسليم ملف القضية إلى شعبة المعلومات لتحديد هوية الجناة وكشف ملابسات الحادثة بأقصى فترة زمنية ممكنة كما عودتنا الشعبة، وذلك لإماطة اللثام عن أكبر الجرائم.