December 23, 2024

كارتيل مياه الشرب في لبنان: زيادة أسعار للمرة الثانية هذا العام 

خاص “الملفات” – محمد علوش

 مع نهاية شهر شباط وبداية شهر أذار الماضي تبلغ اللبنانيون من شركات مياه الشرب، التي تصل الى منازلهم على شكل عبوات يتراوح حجمها بين 19 و22 ليتراً، عن زيادة في الأسعار تراوحت قيمتها بين 20 و30 بالمئة، فأصبحت الأسعار بين 150 و250 ألف ليرة بحسب نوع الشركة والإسم التجاري، واليوم بعد ثلاثة أشهر فقط على تلك الزيادة، وصلت رسائل جديدة تتحدث عن ارتفاع إضافي بالأسعار بدءاً من شهر تموز.
 
تبريرات متفق عليها 
عندما تصل الرسالة النصية الى هاتف الزبون قد لا يأخذ أبعاداً لها أو يبحث في خلفياتها، ولكن عندما وجدنا أن رفع الأسعار يحصل بالاتفاق بين الشركات قررنا السؤال، فإحدى شركات الصف الأول كان تبريرها أن قرار رفع الأسعار ناتج عن ارتفاع أسعار “البلاستيك”، وهذا التبرير سمعه “الملفات” من أكثر من شركة، ولكن هل ارتفعت أسعار البلاستيك بنسبة 30 بالمئة لترتفع الأسعار بهذه النسبة، والأهم هل تبدل الشركات عبوات المياه بشكل دوري، أسبوعي أو شهري، مع العلم أن الزبون عند تعاقده للمرة الأولى مع أي شركة فإنه يدفع مبلغاً من المال يسمى “التأمين” على العبوة، بمعنى أن الشركات تجعل الزبون يدفع ثمن العبوة، ويسترده عند إنهاء تعاقده معها وإعادة العبوات إليها، فكيف ترتفع أسعار تعبئة المياه بحجة البلاستيك، وبحال كان الأمر صحيحاً لماذا عمدت إحدى الشركات الى زيادة سعر الغالون الزجاجي أيضاً الى 4 دولارات للـ 15 ليتراً بدءاً من الأسبوع الأخير من شهر حزيران الماضي؟ 
 
عندما ارتفعت الأسعار في شهر آذار الماضي كان التبرير بأن الحد الأدنى للاجور قد ارتفع وأن كلفة الانتاج ارتفعت مع ارتفاع الاجور والتقديمات، حتى أن أحد أصحاب الشركات كاد يفتح دفاتره الحسابية امام الزبائن لإظهار حجم زيادة كلفة الضمان فقط، وقبلها كانت أسعار البنزين والمحروقات، ولكن اليوم لا يوجد أي سبب سوى اتفاق الشركات على زيادة الأسعار بنفس النسبة ونفس الوقت على الجميع، لزيادة الأرباح، فلا الدولار تبدل سعر صرفه ولا المحروقات ارتفعت أسعارها، ولا الحد الادنى للأجور تبدل.
 
جديد .. كارتيل المياه
كنا نعلم أن بائعي المياه في الأحياء والمناطق اللبنانية يتقاسمون السوق بقوة الأمر الواقع، فلا يمكن لأحد طلب شراء مياه الخدمة من أي بائع يُريد وهناك عشرات الأمثلة على ذلك، واليوم نكتشف أيضاً نوعاً جديداً من الاحتكار ولو المقونن.
 
ربما لا يعلم المواطن اللبناني أن هناك كارتيل مياه يشبه كل الكارتيلات الموجودة في البلد، وكلمة كارتيل ليست شتيمة ولا تتعلق بتجّار المخدرات وحسب، فالكلمة تعريفها هو “مجموعة شركات أو دول تعمل معًا للتأثير في سعر سلعة معيّنة وفي تسويقها”، بمعنى أوضح هو مجموعة من الشركات التي تعمل في قطاع واحد وتتنافس فيما بينها على السوق إنما تكون على توافق كامل فيما بينها للتحكم بالسوق والأسعار واحتكار السلعة.
لا ينبغي البحث طويلاً عن أدلة تدعم هذا التوصيف لشركات المياه في لبنان، فعلى سبيل المثال هناك عدة أسماء شهيرة للغاية في البلد، لا داعي لذكرها، ولكن عندما تقوم شركات يُفترض انها بحرب تنافسية برفع أسعار سلعة ما بنفس الوقت ونفس النسبة فهذا يطرح علامات استفهام كبيرة، وهذا الأمر يحصل للمرة الثانية خلال نصف عام فقط، فخلال الارتفاع الأول في آذار أصبحت أسعار عبوات المياه 19 ليتراً 250 الف ليرة لدى غالبية الأسماء الشهيرة، واليوم تصبح 300 ألف ليرة، وطبعاً لن نسأل عن دور مؤسسات الدولة، فقد سئمنا السؤال منذ 5 سنوات الى اليوم، والنتيجة نشهدها من خلال أرقام إدارة الإحصاء المركزي في لبنان، والتي تُشير إلى ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار الاستهلاك، تشمل كل مجالات الإنفاق، ما دفع مؤشر الغلاء إلى صعود صاروخي، بلغ هذا العام نسبة 264 في المئة سنوياً.
 

المصدر : خاص “الملفات ” – محمد علوش