قرى جبيلية تعيش أزمة حادّة..سرقة وتعدّيات!
خاص – موقع الملفات
كُتب على اللبنانيين أن يعيشوا الأزمات في أدق تفاصيل حياتهم، لا بل في أبسط حقوقهم غير القابلة للجدل أصلاً في بلد لا يقتصر الحرمان فيه على الطبابة والعيش الكريم والقدرة الشرائية إنما تخطى الأمر وصولاً إلى “المياه” شريان حياة الإنسان.
القضية التي سنعرضها تباعاً تُحاكي قصة عدد من القرى على سبيل المثال، إنما تجدر الإشارة هنا، إلى أن الوقائع يمكن إسقاطها على بلدات عدة منتشرة في مختلف المناطق اللبنانية بسبب وحدة الظروف والواقع والمشكلات.
شيخان والمنصف وجدايل والريحانة، قرى تعيش أزمة حادّة ومظلومية نتيجة نقص المياه لأسباب يختلف عليها أهالي هذه القرى بين مؤيد ومشكّك، لكن الأكيد أن الصرخة واحدة والوجع واحد،
فالأهالي يدفعون الاشتراكات بشكل سنوي من دون الحصول على المياه في الوقت الذي يُضطرون فيه حاليا لشراء “السيترنات” بـ ٥٠ دولار بشكل مستمرّ، ما يكبّدهم تكاليف إضافية وباهظة.
أهالي شيخان تحديداً إضافة إلى الآخرين، رفعوا الصوت عبر موقع “الملفات” لعلّ من يسمع نداءاتهم ويستجيب لمطالبهم، فهم بحسب ما يقولون يعانون من شحّ في المياه التي لا يستفيدون منها بين اليوم والآخر سوى نصف ساعة وهو توقيت غير كاف لتلبية احتياجات أي عائلة.
يشير الأهالي إلى أن ازدياد عدد السكان والمشتركين بعد الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار فاقم المشكلة، لاسيما وأن أغلب الاشتراكات موصولة بالخطوط نفسها ما يّؤخّر عملية تزويدهم بالمياه التي لا تستمرّ إلا لساعتين أصلاً، وذلك استناداً إلى جداول التوزيع بين القرى وبحسب توفّر الكهرباء.
ولكن ما زاد الطين بلّة، بحسب الأهالي، هو لجوء البعض إلى سرقة المياه، والتعدّي على الملك العام، من خلال فتح “عيارات” المياه، وسحب ما تيّسر منها، من دون التفكير بالآخرين وما يستتبع ذلك من حرمان قد يلحق ببقية أهالي البلدة والقرى المجاورة.
يقول الأهالي أن ثمّة تدخلات سياسية، وحمايات حزبية للمخالفين، لا سيما من قبل بعض القيميين على مشروع المياه الأساسي وأنهم يقدمون الشكاوى ويرفعون الصوت ولكن ما من استجابة إلى مطالبهم، وهذا الأمر، حسبما اعتبره الأهالي، إجحاف بحقهم، وتمييز بين المواطنين، إذ إن بعضهم يحصل على المياه ٢٤/٢٤ بسبب التعديات، والبعض الآخر يحصل عليها نصف ساعة.
بدوره، أكد المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان المهندس جان جبران، أنه “بالنسبة لتوزيع المياه على القرى هناك برنامج موضوع من قبل دائرة جبيل وهذا البرنامج يُنفذ وفق خطة مدروسة على عدد المشتركين في كل قرية”، مشدداً على أنه “إذا كان هناك من إجحاف بالنسبة لبعض الأشخاص أو القرى، فإن إدارة دائرة جبيل حاضرة للاستماع والتوضيح والتصحيح إذا لزم الأمر، مع العلم ان عدم توفّر الكهرباء هو السبب الرئيسي لعدم توزيع المياه بشكل منتظم يومياً”.
وأضاف جان جبران في حديث لموقع “الملفات”، أنه “إذا كان هناك مخالفات أو سرقة مياه في بعض الأماكن، على المواطن إعطاء العلم لمراقب المياه أو التوجّه إلى الدائرة أو الاتصال في مركز الشكاوى على الرقم ١٧١٣ والإبلاغ عن أي مخالفة وعلى الإدارة التحرّك لإزالتها “.
أما فيما يتعلّق بالتدخلات السياسية، فأكد جبران أن “هذا مجرد كلام وتخيلات مرفوضة من أساسها، لأن شعار المؤسسة الذي وضع منذ البداية هو “المياه حياة والحياة لكل الناس”، مشدداّ على أنه “لا سياسة في المؤسسة ولا تدخلات من خارجها وهذا معروف”.
وبالنسبة للرسم السنويّ، كشف جبران عن أنه “أصبح ١٣ مليون في السنة لكل مؤسسات المياه في لبنان”، لافتاً إلى أن هذا الرسم وضع “بعد دراسة معمّقة من المعنيين لميزانية كلّ مؤسسة ليكون بإمكانها دفع فواتير الكهرباء والمازوت وأجور العاملين فيها، والتي تشكّل أكثر من ٧٦٪ من الموازنة إذا كانت الجباية مئة بالمئة، وهذا ما لم يمكن تحقيقه”.
هذه الاتهامات، عارضها أيضًا رئيس بلدية المنصف خالد صدقة، الذي أكد عبر موقع “الملفات” أن كل الحديث عن تدخلات سياسية ومحسوبيات حزبية على الأخص في بلدة المنصف هو أمر غير دقيق وغير واقعي، لافتاً إلى أن المشكلة في تفلّت بعض المواطنين المتعدّين وغياب الرقابة بوجود إمكانيات محدودة لدى الموظفين القيّمين على متابعة هذه الأمور. واعتبر أن الحلّ هو في مشروع طاقة شمسية يؤمن الكهرباء لأطول فترة ممكنة تسمح بتغذية أطول من المياه.
وشدد صدقة على أن مسألة توزيع المياه وساعات التغذية بهذه الطريقة، هي أمر طبيعي في ظل هذه الظروف وتوفّر الكهرباء بشكل محدود، مع وجود عدد كبير من المشتركين وأكثر من بلدة، وبالتالي فإن التقسيم بين القرى أمر لا مفرّ منه، إذ إن المشكلة ليست بالتوزيع إنما بالتعديات، داعياً كل شخص متضرّر لا تصله المياه إلى تقديم شكوى لدى شركة المياه التي ترسل بدورها موظفي الكشف، وعندها في حال تبيّن أن هناك تعدي من أحد يتم اتخاذ إجراءات جزائية بحقه تبدأ بتسطير محضر ضبط عالي القيمة بحقه وتنتهي بإيقاف اشتراكه، ومؤكداً أن الشركة ستتجاوب وهي تتلقى بالفعل كل الشكاوى وتتحرّك.
المصدر : خاص – موقع الملفات