فوضى وتضليل..
“النصر لا يعتمد أحياناً على جيش من ينتصر، وإنمّا قصّة من هي التي تسود” . صدق جوزيف. إس.ناي بمقولته، فما نشهده اليوم في البيئة الافتراضية منذ بدء عمليّة طوفان الأقصى يعد دليلاً قاطعًا على أن القوّة السيبرانيّة الناعمة بإمكانها أن تدير العالم اليوم وتحكمه، وربّما ستكون وسيلة لدماره.
ليست الشائعات والأخبار الزائفة بالأمر الجديد، إلا أن انتشارها بسرعة أكبر من ذي قبل بات يثير ريبة صُنّاع الأخبار الحقيقيين، لا سيما في ضوء الكم الهائل من المعلومات والمعطيات المغلوطة، التي تتداولها حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المزيفة وبعض الجيوش الإلكترونية التي توهم الآخرين أنها تنقل الأحداث والتطوارت الحاصلة من قلب الحدث، وبالتالي ما تدسه ينتشر على نطاق أوسع على أنه الحقيقة.
لذلك، ونظرًا للمرحلة الحساسة والغامضة على الساحة اللبنانية والعربية، وحتى على المستوى الدولي، قرر البعض دق ناقوس الخطر ومجابهة هذه الأخبار الكاذبة وفضح مروجيها على طريقتهم، ومنهم الصحافي أحمد ياسين الذي يعد الأنشط في هذا المجال ويعمد يوميًا إلى التصدي لمثل هذه المعلومات بشكل منطقي ومنهجي يعتمد على البحث والتقصي خلف المعلومة مع إبراز دليل وحجة يثبت صحة كلامه، وفقًا لما شرحه لنا.
ياسين، يؤكد أن المشهد الإعلامي العام تحول بعد أحداث السابع من أكتوبر إلى مشهد ضائع في ظل الأحداث العسكرية والسياسية، الأمر الذي فتح المجال أمام العديد من الأفراد ليصبحوا صحافيين.
ففي عصر صحافة الموبايل، ازداد عدد الصحافيين، ومعه ازدادت كمية الأخبار. وهذا يجعل انتشار الأخبار الزائفة أمرًا سريعاً، كاشفًا عن أن سرعة انتشارها أكثر من 70 بالمئة من الخبر الصادق.
أما عملية التفنيد فتخضع لعدة وسائل، منها التقنية، إذ يقول إن للفيديوهات والصور هناك Yandex و google lens وغيرها من التطبيقات التي تسمح بالوصول إلى أصل المحتوى ومعرفة تاريخ تصويره ونشره حتى، كما يمكن كشف أي تعديل تم عليه بواسطة الذكاء الاصطناعي.
فيما خص المصادر، يعتبر ياسين أن هناك الكثير من المصادر الموثوقة وهم أشخاص موجودون في المجال الإعلامي ولهم حيثيتهم، كـ “علي شعيب” في الملف اللبناني أو “وائل دحدوح وهبة عكيلة” في غزة. بالإضافة إلى رواد السوشيل ميديا الذين يقدّمون محتوى مفصّل بالكامل، سواء من جهة الدليل والبرهان أو حتى تاريخ توثيقه والهدف من نشره للرأي العام.
ومن منظوره، هناك عامل آخر وهو المنطق السليم أو ما يعرف بالـ ” common sense ” الذي يلعب دوراً هاماً في معرفة صحة هذه الأخبار من عدمها، وإن كان فحواها واقعياً أو من نسج خيال من نصّها.
ويلفت ياسين في سياق حديثه، إلى أن المواطن العادي قد يحتاج بعض الوقت حتى يتمكن من كشف زيف المعلومة، لاسيما مع وجود “مرض اللايكات” الذي يصعب التخلص منه، فهناك من يسعى لمزيد من “التشيير” و”اللايكات” ولو على حساب الحقيقة والرأي العام، لذا تجده ينشر ويعمم من دون إدراك الأهداف الكامنة وراء تلك الأخبار المضللة التي يدسها.
إذًا، كن أنت المراسل وصانع الخبر إن شئت، ولكن احذر أن تقع في الشرك الذي يُعدّه البعض، حيث تصبح شريكًا عن غير قصد أو دراية في صناعة التضليل وتزييف الحقائق والوقائع.
بمعنى آخر، لا تتحوّل من مجرد ناقل للخبر أو المعلومة إلى مروّج افتراضي لحملات وأجندات معلومة – مجهولة. ولا تنسى، في عصر المعلومات، تعد المصداقية أندر الموارد!
المصدر : خاص – موقع الملفات