May 20, 2025

فوز “بيروت بتجمعنا” وخرق واحد لـ “بيروت بتحبك”

شهدت العاصمة بيروت، يوم الإثنين، تتويج عملية الانتخابات البلدية بإعلان نتائج الفرز، وسط إشراف مباشر من وزيري الداخلية والعدل، اللذين شددا على نزاهة العملية ودقتها. وأكد وزير الداخلية أحمد الحجار أن عمليات الفرز “تتم بسرعة ودقة وشفافية”، مشيرًا إلى أن النتائج ستُعلن خلال ساعات قليلة. من جانبه، أثنى وزير العدل عادل نصار على جهود القضاة وموظفي الدولة في تأمين حسن سير العملية الانتخابية، معتبراً أن “الأولوية لصوابية النتائج وليس للسرعة”.

وبالفعل، أسفرت النتائج عن فوز لائحة “بيروت بتجمعنا” بـ23 عضواً، فيما تمكنت لائحة “بيروت بتحبك” من خرق اللائحة بمقعد واحد عبر المرشح محمود الجمل، بفارق يقارب 100 صوت ومع تبقّي نحو 20 قلمًا عند وقت الإعلان.

الجدل حول المناصفة وأداء القوى السياسية

النتائج لم تمر من دون تعليقات سياسية حادة، خصوصاً من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، الذي أشار إلى أن اختيار التيار لمرشحيه أتى في إطار اتفاق سياسي يهدف للحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في العاصمة، معتبراً أن أي خرق لهذا الاتفاق “يمثل خدشاً لهذه المناصفة”، في إشارة واضحة إلى فوز الجمل.  وقال: “إن القوات برّرت وجودها مع حزب الله في اللائحة البلدية في بيروت من أجل المناصفة، وهذا وضع الاتفاق الذي قمنا به في الوقت السابق مع حزب الله”، مؤكدًا أن ” تعاطينا مع الاستحقاق البلدي جاء من منطلق دعمنا لخيار العائلات”.

وأوضح أن “الانتخابات فضحت كذبة الـ”ngos” وشيطنتهم للأحزاب ونحن من المؤسسين للكثير من الجمعيات، ولكن دورهم أن يكونوا جزءاّ من المجتمع اللبناني، ولكن لا يعني ذلك أن يتنمروا على الأحزاب، وقد ظهر عجزهم في البلديات التي اتخذت طابعاً انمائياً أو سياسياً ومنها في بيروت”.

وعن انتخابات البقاع وبعلبك الهرمل، أشار باسيل إلى أن “التيار أثبت وجوده في البقاع من الهرمل إلى بعلبك وقضاء زحلة وراشيا، وفي راشيا لا زلنا الاقوى عند المسيحيين، وفي البقاع الغربي كنا وراء التفاهمات، وفي قرى قضاء زحلة نتمتع بوجود وازن، ونحن خسرنا في القاع بسبب الإنقسامات، وفي مقابل القاع ربحنا في رأس بعلبك وجديدة الفاكهة بما يمثلان من وزن انتخابي، وفي الهرمل ورغم وجودنا المحدود، فزنا ببعض المخاتير”.

وعن زحلة، لفت إلى أن “زحلة لها أهمية كبيرة وتركنا الخيار لأهلها، وفي النهاية أهلها اختاروا ومبروك لخيارهم ونحترمه ونقرأه بكل احترام”. وأضاف: “اصطدمنا بعائقين في زحلة: رفض للتعاون من القوات معنا لأنهم يعتبرون أنهم يربحون من دوننا ولدينا مشكلة مع أسعد زغيب، واعتبرنا أنه لا يصلح شعبياً بالمعركة وهذا ثبت بالنتائج وهو اتى في أسفل اللائحة وهذه رسالة من التيار، وقد أجرينا في زحلة 3 استطلاعات وكان واضحا أن القوات هي القوة الأكبر ونعترف بذلك بكل موضوعية وبرافو عليهم. وهم قدّموا عرضاً لسكاف ثم اختلفت معهم وهناك نائب من خارج المدينة وحده كان وراء ترشيح زغيب، واعتقدوا انهم قادرون على الربح من دون التيار”.

ولفت باسيل إلى أن “لائحة زغيب لها قوى معنوية من دون قدرة تجيير أو فاعلية بوجه القوة التنظيمية للقوات، وحاولت اللائحتان استمالتنا وكان البعض يقول: “بدنا نخسر القوات”، لكن نحن لا نعمل بهذا المنطق من النكد وقررنا في اليوم الأخير اجراء استطلاع، وبنتيجته أكد المؤكد، وسألنا الناس والتياريين، وكان رأي الناس بنسبة 40 في المئة أن نترك الخيار، وداخل التيار كان الرأي بنسبة 60 في المئة، ولذلك قررنا احترام خيار الناس، مع الرسالة المباشرة لشخص زغيب بسبب أداءه المتعالي”.

وقال: “لدينا مسؤولية مراجعة لأدائنا السياسي والشعبي في زحلة، ونحن نشكل القوة الشعبية الثانية بعد القوات بفارق كبير، وعلينا مسؤولية استنهاض قوتنا ونرفض الأداء الإلغائي”.

أما النائب فؤاد مخزومي، فاعتبر أن البيارتة نجحوا في “الامتحان الكبير” وأثبتوا تمسّكهم بالعيش المشترك والوحدة، مشددًا على أن بيروت ربحت بأبنائها، وداعيًا إلى تعاون شامل لإعادة العاصمة إلى دورها الريادي كمنارة الشرق.

من جهته، أكد النائب سعيد الأسمر أن “القوات اللبنانية” لم تتحالف مع قوى لا تشبهها، مشددًا على أن التوافق في بيروت كان هدفه إنمائيًا للحفاظ على العيش المشترك. وأشار إلى أن القوات تبقى الحزب الذي يرفع شعار الدولة الفاعلة، وهي مستعدة لخوض أي معركة سياسية تحت هذا العنوان. كما تطرّق إلى انتخابات جزين المرتقبة، قائلاً: “جزين ليست للبيع، ومحاولات تهميش القوات لن تنجح، والصناديق ستقول كلمتها”.

من ناحيته، أطلق النائب وضاح الصادق سلسلة مواقف لاذعة عبر منصة “أكس”، وكتب: “الانتخابات أسقطت الأقنعة، وكشفت تعالي البعض وهوسهم بالمناصب”، معلناً بشكل غير مباشر انتهاء أي تحالفات سياسية سابقة، ومؤكداً تمسّكه بقناعاته رغم ما وصفه بـ”الخذلان”.


خلاصة المشهد، بيروت أنجزت الاستحقاق البلدي بلا إشكالات تُذكر، لكن نتائج صناديق الاقتراع أطلقت سلسلة من المواقف والانقسامات السياسية حول المناصفة، التحالفات، وأداء الأحزاب. وبين من يعتبر النتائج انتصارًا للوحدة ومن يراها إنذارًا بضرورة المراجعة، يبقى المشهد مفتوحًا على مزيد من التحديات مع اقتراب استحقاقات انتخابية مقبلة، قد تكون أكثر حساسية وتعقيدًا.

المصدر : الملفات