بينما يستعد اللبنانيون لخوض المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية والاختيارية، تتكثّف التحضيرات في مختلف المناطق، وسط أجواء مشحونة بالتنافس وقلق من التجاوزات، وترافق ذلك مع تحركات لافتة على المستويين الديني والأمني لضبط الإيقاع الانتخابي وضمان سير العملية بشكل سليم.
في هذا الإطار، أعلنت دار الفتوى في البقاع في بيان لها، أنها تتابع عن كثب مجريات التحضير للانتخابات، مؤكدةً أن هذا الاستحقاق يشكل فرصة وطنية لتجديد الثقة بين المواطنين وممثليهم. وقد وجّهت الدار سلسلة من التوجيهات والرسائل، تمثّلت في أربع نقاط أساسية:
الحثّ على المشاركة الواعية، باعتبارها واجبًا وطنيًا يعكس إرادة الناس.
التحذير من المخالفات، خصوصًا التلاعب بإرادة الناخبين، استخدام المال السياسي، التهديد بالسلاح، أو التحريض على الفتنة.
ضوابط للاحتفالات، مشددة على تجنب إطلاق النار، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وتجنّب أي مظهر طائفي أو فتنوي.
دعوة للتعاون الأمني مع الأجهزة الرسمية لضمان الاستقرار.
وأكدت الدار في ختام بيانها أن الانتخابات مسؤولية وطنية جامعة، داعيةً إلى احترام النتائج، والحفاظ على أواصر القربى، والوحدة الوطنية.
نتائج بالتزكية وانتشار أمني
في موازاة التحضيرات، سُجلت نتائج بالتزكية في 24 بلدية ضمن قضاء بعلبك الهرمل، من بينها بلديات تابعة للائحة “التنمية والوفاء” مثل مارون الراس، عيتا الجبل، تولين، طلوسة، ميس الجبل، وغيرها.
وعلى الأرض، انتشر عناصر من مخابرات الجيش بلباس مدني في مناطق عدة كالبقاع وبعلبك والنبطية، لمراقبة الوضع الأمني، وضبط محاولات الغش وحيازة السلاح، تنفيذًا لقرار وزارة الدفاع القاضي بتجميد مفعول تراخيص الأسلحة في المناطق المعنية.
بيروت وزحلة: مشهد انتخابي متنوع
في بيروت، وجّه رئيس الحكومة نواف سلام رسالة عبر منصة “أكس”، قائلاً: “لتستعيد بيروت رونقها، موعدنا غدًا في صناديق الاقتراع”، داعيًا المواطنين إلى المشاركة الكثيفة.
أما في زحلة، فأعلن التيار الوطني الحر موقفًا حياديًا من الصراع البلدي، مانحًا مناصريه حرية الاختيار بين المرشحين، بعدما تعذّر التوافق على دعم إحدى اللائحتين المتنافستين، وشكر مرشحيه السبعة الذين انسحبوا التزامًا بقرار التيار.
تحقيقات في الهرمل
وفي تطور لافت، أفادت مصادر مطلعة أن مديرية أمن الدولة باشرت التحقيق مع قائمقام الهرمل طلال قطايا، على خلفية فقدان عدد من دفاتر تصاريح مندوبي المرشحين، بناءً على إشارة من النيابة العامة الاستئنافية في البقاع، وسط توجه قضائي للتريث في اتخاذ أي تدابير قد تؤثر على العملية الانتخابية.
ختامًا، يقف لبنان على عتبة مفصل ديمقراطي جديد، وسط مزيج من الحذر والتفاؤل. فبين النداءات الدينية، والمراقبة الأمنية، والانقسامات السياسية، يبقى الرهان الأكبر على وعي الناخب اللبناني وقدرته على ترجيح كفّة المصلحة العامة فوق الحسابات الضيقة، لضمان انتقال سلمي وشريف للسلطة المحلية.