شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت مساء الخميس تصعيدًا خطيرًا تمثّل بتنفيذ الطيران الحربي الإسرائيلي سبع غارات تحذيرية أعقبتها ثلاث غارات مباشرة استهدفت محيط مسجد القائم، في سابقة ميدانية لافتة منذ بدء التوترات الأخيرة. هذه الضربات الجوية سبقتها إطلاق كثيف للرصاص من عناصر على الأرض في محاولة لتحذير المدنيين ودفعهم إلى الإخلاء.
الغارات الإسرائيلية ترافقت مع حركة نزوح كثيفة من الأحياء المهددة بالقصف، ما تسبب بزحمة سير خانقة على أوتوستراد المشرفية، فيما أُطلقت تهديدات هاتفية عشوائية طالت قرى في الجنوب والبقاع الغربي وبعض مناطق بيروت، وتحقق مخابرات الجيش اللبناني في مصدرها.
في السياق، أصدر الجيش الإسرائيلي إنذاراً عاجلاً لسكان قرية عين قانا جنوب لبنان، طالبهم فيه بإخلاء أحد المباني والمباني المجاورة له فورًا، بسبب ما وصفه بوجود “منشآت تابعة لحزب الله”. وكان قد وجّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي سلسلة من الإنذارات عبر منصة “إكس” إلى سكان الضاحية الجنوبية، ولا سيما في الحدث، حارة حريك، وبرج البراجنة، داعيًا إلى الابتعاد مسافة لا تقل عن 300 متر عن المباني المحددة.
أدرعي زعم أن جيش الدفاع الإسرائيلي سيستهدف قريبًا “بنى تحتية تقع تحت الأرض مخصصة لإنتاج مسيّرات أقيمت في قلب الأحياء السكنية”، مؤكدًا أن وحدة 127 التابعة لحزب الله تعمل على إنتاج آلاف المسيّرات بتمويل وتوجيه إيراني، ما يشكّل وفق تعبيره “خرقًا فاضحًا للتفاهمات بين لبنان وإسرائيل”.
في المقابل، أكد رئيس مطار بيروت أمين جابر أن حركة المطار ما تزال طبيعية، مشيرًا إلى أن إدارة المطار اتخذت إجراءات باستخدام المدرج الغربي للإقلاع والهبوط لضمان سلامة واستمرارية العمليات الجوية في ظل الوضع الأمني المتوتر.
وعلى خط المواجهة، أفادت معلومات من مصادر عسكرية أن الجيش اللبناني حاول استخدام آلية الاتصال المعتمدة مع الجانب الإسرائيلي للكشف على المواقع التي تم تهديدها، غير أن الجانب الإسرائيلي رفض التجاوب، ما دفع الجيش اللبناني إلى الانسحاب من المناطق المستهدفة، والتي تعرّضت لاحقًا للقصف.
يبقى التصعيد الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية تطورًا خطيرًا يحمل في طياته رسائل واضحة حول احتمال توسع المواجهة، في ظل استمرار تلويح إسرائيل باستهداف “القدرات المسيّرة لحزب الله”، واعتبارها تهديدًا مباشرًا لـ”أمنها القومي”.