الجنوب يفرض التمديد.. وكباش سياسيّ “كاذب”
خاص “الملفات” – المحرّر السياسي
بات من المؤكد أن المجلس النيابي سيحسم غداً قرار التمديد للمجالس البلدية بما يعني تأجيل الانتخابات، ويصبح بالتالي ما كان متوقعاً أو مرهوناً بتطورات الأوضاع الأمنية أمر حتميّ لا مفرّ منه.
من الواضح أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري سينجح وقد نجح فعلياً، بعد مواقف عدد من الكتل الكفيلة بتأمين نصاب الجلسة، وبالتالي بلورة رؤيته الرافضة لإجراء الاستحقاق الدستوري على قاعدة “لا انتخابات بلدية من دون الجنوب”.
غداً سيقول المجلس النيابي كلمته بمختلف ألوانه وتوّجهات كتله، والرافضون للتمديد قالوا كلمتهم أيضاً من خلال مقاطعة الجلسة، أما الدستوريون والقانونيون فلهم كلمتهم التي على ما يبدو وبعد استطلاع عدد من الخبراء الدستوريين متعددي الخلفيات والانتماءات السياسية استقروا بمعظهم على ضرورة إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية باعتبارها ضرورة ملّحة، لاسيما وأن هناك حوالي 124 بلدية منحلّة بينما الأكثرية المتبقّية من البلديات تعاني انهياراً مالياً، وبالتالي فإن حلّ هذه المشكلات من شأنه أن يضع الملفات الضاغطة على طريق المعالجة.
في هذا الإطار يصف الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك في حديث لـ “الملفات”، ما سيقدم عليه مجلس النواب غداً لجهة التمديد للمجالس البلدية والاختيارية بـ “الجريمة” بحق المواطن والدستور والمبادى الدستورية، معتبراً أن ذلك يتنافى ومبدأ الديمقراطية وتداول السلطة ودورية الانتخاب، ومذكّراً بقرارات المجلس الدستوري، وأهمّها القرار رقم 1/97 بالإضافة إلى القرار الأخير 6/2023 والذي اعتبر التمديد مخالف للدستور.
ورأى مالك أن “الحجج التي يتذرّع بها المجلس النيابي لا تستقيم من أجل إرجاء هذه الانتخابات، فلا يجوز أن تدفع أكثر من ألف بلدية ثمن ما يجري في الجنوب، وبالتالي على المجلس الذهاب نحو إجراء الاستحقاق في كافة البلديات باستثناء البلديات التي تتعرّض لاعتداءات عسكرية”. والحلّ الذي طرحه أيضاً حزب القوات اللبنانية، وهنا يقول مالك أن “الموقف ثابت وحصل العام 1998 عندما كان هناك مناطق محتلة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، فاستُثنيت البلدات والقرى المحتلة إلى أن أجريت الانتخابات فيها بعد التحرير وتحديداً بـ 9/9/2001، فلا شيء يمنع السلطة من الذهاب نحو هذا الاتجاه”.
أما عن ما يقال بأن تجزئة الانتخابات تشكل فصلاً للجنوب عن كل لبنان، فسأل مالك “لماذا لم يعتبر الأمر كذلك العام 1998، معتبراً أن “الهدف من عدم إجراء الانتخابات هو لأسباب تعود للمنظومة السياسية ولا علاقة لها بالأوضاع العسكرية”.
وشدد مالك على أنه “في حال صدور قانون تجزئة للانتخابات لا تمديد، قد يتعرّض للطعن على غرار باقي القوانين، لكن الأكيد أن المجلس الدستوري لن يقبله وسيقدر الظروف الاستثنائية وسيذهب باتجاه تأييد إجراء الانتخابات للبلديات القادرة مقابل تأجيل مؤقت للبلديات الأخرى، فحجة عدم المساواة غير متوفرة لأن تحقّق هذه القاعدة مرتبط بوحدة الأوضاع وهو ما ليس متوفّراً بين الجنوب وباقي المناطق.
بالمقابل، تؤكد أوساط مطلعة لـ “الملفات” أن “كل الهرطقات الحاصلة حول مسألة الانتخابات ما هي إلّا كباش سياسي وتسجيل نقاط بين الأفرقاء السياسيين”، كاشفةً عن أن “الجميع بمن فيهن الداعين لإجراء الاستحقاق غير جاهزين على المستويات كافة وحتى وزارة الداخلية، وكل ما يُقال هو لعلمهم بأن الأمر لن يحصل فيقفون تارة موقفاً صحيحاً أمام جمهورهم أو تماشياً مع الإجراءات القانونية المفترض إتمامها”.
كما لفتت الأوساط في هذا الصدد إلى أن “وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي لم “يتفزلك” كما قال عنه البعض لمجرد أنه دعا الهيئات الناخبة وحدد مواعيد في بعض المحافظات، إنما قام بدوره القانوني ضمن المهل القانونية التي يفرضها الدستور والقوانين المرعية الإجراء”.
إذاً، لا انتخابات في المدى المنظور، وعلى ما يبدو أن البلديات سيرتبط مصيرها كما باقي الاستحقاقات بالجبهة المشتعلة جنوباً، إلى أن تتبلور مساعي الحلول السياسية والدبلوماسية التي يتم العمل بها على مستوى المنطقة والعالم.
المصدر : خاص “الملفات” – المحرّر السياسي