اشكال المعونات… الرواية الكاملة
خاص – موقع الملفات
“أعمال إرهابيّة، اعتداء بربريّ، إجرام ووحشيّة”، طيلة الأيام الفائتة، لم يتوقف سيل الاتهامات والنعوت التي وجهتها نقابة المستشفيات إزاء الإشكال الذي وقع منذ أيام في مستشفى المعونات ولم تنته تداعياته بعد.
وكما بات معلوماً للجميع، عند وقوع أيّ حادثة أو إشكال ما، يظهر للعلن وللرأي العام روايات عدّة غالبيّتها متضاربة من حيث المعلومات والمعطيات، لا سيّما أنّ لكلّ طرف روايته الخاصة وتحليلاته.
الرواية الأولية
وقع إشكال كبير في بهو مستشفى سيدة المعونات في جبيل إثر وفاة سيدة شليطا السخن، ما دفع بأحد أبنائها إلى تكسير زجاج الواجهات الخاصة بالموظفين.
وفي التفاصيل، يتضح أن الفقيدة كانت تعاني من آلام، ما استدعى إدخالها إلى مستشفى مار يوسف في الدورة لإجراء فحوصات وتحاليل مخبرية، ليتلقى ذووها فيما بعد اتصالاً يفيد بضرورة نقلها فوراً إلى مستشفى آخر، كونها تتعرض لأزمة قلبية، وفقاً لهذه الرواية الأولية.
وعلى الأثر، تم نقلها إلى مستشفى سيدة المعونات في جبيل لإدخالها للمعالجة وإجراء القسطرة القلبية، إلا أنها توفيت.
ووفقاً للرواية، لم يكن من السهل على أبنائها استيعاب حجم الكارثة ووقعها، فكانت النتيجة، اعتداء على الطبيب، تهديد ووعيد وأضرار مادية في المستشفى.
وفي وحين لم تنفع محاولات رجال الأمن لتهدئة الوضع وضبط المكان، حضرت قوة من فصيلة درك جبيل وتمكّنت من توقيف ذوي الفقيدة.
وتشير المصادر إلى أن ابنائها تعهدوا بعد مثولهم أمام الأمنيين والاستماع إلى إفادتهم، بتسديد تكلفة الأضرار التي خلفها الإشكال. كما تعهدوا أيضاً بعدم التعرض للطبيب المعالج أو لأي شخص من الطاقم الطبي في المستشفى المذكور.
التقرير الشرعي يحسم الملابسات
معلومات موقع “الملفات” تؤكد أن الطبيب الشرعي وبعد معاينته الجثة، سلم تقريره إلى النيابة العامة التمييزية، مقترحًا تشكيل لجنة طبية للبت بملابسات ما جرى، لاسيما أن تقريره يُعد كافياً لدحض أي لغط حول القضية.
توازيًا، استبعدت مصادر طبية في حديث لها عبر موقع “الملفات” كل ما يشاع عن حصول خطأ طبي أثناء القسطرة القلبية، مؤكدةً أن الوفاة جاءت نتيجة لمضاعفات حصلت مع الفقيدة لاسيما أن دخولها للمستشفى كان سببه نوبة قلبية.
ولفتت المصادر الطبية إلى أن احتمال إسقاط حق الطبيب الذي تعرض للاعتداء من قبل أبنائها وحفيدها فور تبلغهم خبر وفاتها، غير واضح حتى الساعة ولا معلومات دقيقة حوله، معتبرةً أن ما حصل كان سببه هول الصدمة عليهم.
رواية النقابة مقابل رواية ذويها
موقع الملفات ينشر رواية الطرفين، وكما هي من دون زيادة أو نقصان، أو حتى تبني ما جاء فيها وفي تفنيد مفصّل لها كانت كالتالي:
الطرف الأول المتمثل بنقابة المستشفيات، وسرعان ما أصدر روايته واصفاً الأحداث الأخيرة في مستشفى المعونات بأنها “أعمال إرهابية واعتداء بربري ارتكب على يد مجموعة من الخارجين عن القانون”.
ووفقًا لرواية النقابة، والتي ننقلها كما هي، “اقتحم شبان مستشفى سيدة المعونات الجامعي في جبيل، وأقدموا على شتم وإهانة الأطباء والموظفين في أحد الاقسام الطبية، ليصار بعدها إلى اقتحام مكتب أحد الاطباء والتعدي عليه بالضرب المبرح، مما استدعى نقله فورا إلى قسم العناية الفائقة بسبب خطورة اصابته. ثم توجهوا إلى مكتب الدخول وقاموا بتحطيم الزجاج الواقي وانهالوا بالشتم والاهانة والتهديد والوعيد لإدارة المستشفى وللموظفين المتواجدين في هذا القسم، ما أسفر عن سيطرة جو من البلبلة والفوضى العارمة والخوف الشديد والذعر في كل انحاء المستشفى”.
وتكشف نقابة المستشفيات عن شجار آخر نشب مع عناصر الأمن الذين كانوا يحاولون تهدئة الوضع لإعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي، ما أدى إلى إصابة عنصرين من الحرس الخاص بأضرار جسدية نتيجة ذلك.
هذه الأحداث، استدعت حضور دورية من فصيلة درك جبيل لإجراء التحقيق اللازم، فقاوم المعتدون عناصر هذه الدورية بعنف وأصابوا اثنين منهم بأضرار جسدية أيضاً من دون أن يوفروا آمر الفصيلة الذي تعرض بدوره للاعتداء، ليصار لاحقاً إلى توقيف ثلاثة أشخاص بعدما سيطرت عناصر الدورية على الوضع، بحسب رواية النقابة.
وأعربت الأخيرة عن أسفها الشديد، بعد ما تم ترك المدعى عليهم الثلاثة الموقوفين مع إبقائهم رهن التحقيق، بناء على إشارة المرجع القضائي المختص عوضاً عن إبقائهم قيد التوقيف لسلامة التحقيق ولمتابعته معهم ومع سائر المعتدين الآخرين، حتى كشف كل ظروف وملابسات هذا الحادث المروّع، مطالبةً “بإحالة كل الفاعلين موقوفين أمام القضاء الجزائي المختص لإنزال أشد العقوبات الرادعة بحقهم”.
التحقيق سيكشف الحقيقة!
ما ذُكر أعلاه كان عبارة عن رواية الطرف الأول، أما التالي فهو رواية ذوي الفقيدة والتي أتت ردًا على الرواية الأولى:
عائلة السخن رفضت الوصف الذي استخدمته النقابة “مجموعة من الخارجين عن القانون”، معتبرةً أن “هؤلاء الذين نسب إليهم هذا الوصف ليسوا سوى إبني الضحيّة وحفيدها الذين هالهم إعلان وفاة الوالدة والجدة ابنة الثلاثة وستين عاماً على إثر عملية “تمييل القلب”.
وتوجه ذوو الفقيدة في روايتهم إلى المعنيين، مشددين على “ضرورة عدم استباق التحقيق الذي لا بد أن يكشف الحقيقة والذين هم ربما على بيّنة منها ولذلك توسلوا الهجوم والتضخيم بواسطة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ظناً أنه يمكنهم التنصّل من المسؤولية الملقاة على عاتقهم”.
وأبدت العائلة ملاحظاتها على ما تضمن في بيان النقابة من عبارة “مجموعة من الخارجين عن القانون … اقتحموا مستشفى سيدة المعونات”، فكان التوضيح كالتالي:
“أولاً، إن الاقتحام يفترض الدخول عنوةً وربما بقوة السلاح إلى حرم المستشفى، والحقيقة أن ابني الفقيدة وحفيدها كانوا ينتظرون على باب غرفة العمليات، وهم مرتابون لدخول وخروج الطاقم الطبي فمنهم من كان يقول لهم أن الأمور تحت السيطرة وآخر العكس، ثم من أعلن أنها فارقت الحياة. وكانوا قد أبلغوا قبل دخولها إلى غرفة العمليات من الطبيب المعالج وبحضور خمس أطباء متدرجين أن نسبة الخطر هي فقط 2%.
ثانياً، إن كاميرات المراقبة المحفوظة نقلت بأم العين ولا يمكن تكذيبها كل الذي حصل كردة فعل (غير محمودة ) لأي عاقل عندما يتلقى خبر أو صدمة فقدان والدته من دون أي مؤشر سابق لا بل على العكس تطمينات مسبقة.
ثالثاً، حرصاً على الحقيقة التي لا بد أن ينصفها القضاء المحترم، فإن عائلة الفقيدة لن تكشف عن مضمون تقرير الطب الشرعي الذي عاين واستمع وسجّل وخلص إلى نتيجة معينة تدحض كل الافتراءات وتنزع عنهم نعوت الإرهاب والبربر والترويع…!
رابعًا، لقد غاب عن بال نقابة أصحاب المستشفيات المحترمين التطرق ولو بخجل أو بعبارة تعزية يتيمة موجهة إلى أهل الضحية بمعرض خسارتهم لوالدتهم قبل إبرامهم الحكم ضدهم، وهم بمعرض هذا البيان يبدو أنهم غير مهتمين بمشاعر الناس وربما كانوا على استعداد للقيام بمراسم الدفن، لا سيما أنهم عبّروا عن صدمتهم بقرار القضاء المختص المحترم لجهة ترك ابني الفقيدة وحفيدها رهن التحقيق وكأنهم أولى بتقدير عناصر ومعطيات وظروف الحادثة أكثر من جانب النيابة العامة المحترمة.
وأخيراً وليس آخراً تتقدم عائلة الفقيدة بالاعتذار من الدكتور رالف أبي نادر الذي كان دوره محدوداً جداً أثناء العملية نسبة إلى غيره كما ومن إدارة وطاقم المستشفى لجهة ما حصل كردة فعل في لحظة تخلّ ولاوعي تحت وطأة الصدمة الشديدة، تاركةً للقضاء المحترم الذي تؤمن به كل الإيمان تحديد المسؤوليات واتخاذ المقتضى القانوني المناسب “.
أمام رهبة الموت يقف الإنسان عاجزًا، فمن الضحيّة هنا أو صاحب الحقّ، لسنا بصدد إصدار الأحكام أو حتى مخولين بذلك، إنّما دورنا يقتضي نقل روايات الطرفين في هذه القضيّة من دون تبني أيّ منها، بانتظار جلاء الحقيقة وانتهاء التحقيقات.
المصدر : خاص – موقع الملفات