الفاتيكان يريد رئيسًا ومواصفات “الخماسي” ضرورية
نادرة باتت اطلالات السفير البابوي المونسنيور باولو بورجيا من المقار السياسية في لبنان في الآونة الاخيرة. هو “كفّ رجله” الى حدّ ما بعدما استشعر مدى البرودة المتحكمة بالملف الرئاسي وانعدام حماس بعض القوى السياسية ازاء انتخاب رئيس جمهورية ربطا بتطورات المنطقة خلافا لما يعلنون. شأن يجعل مصير كل المبادرات المطروحة للخروج من مستنقع الجمود من دون افق، حتى ان تلك التي طرحها تكتل الاعتدال الوطني ورحب بها الجميع بدأت حظوظها بالتراجع تدريجياً، حتى بين اطراف المعارضة المتحمسين بشدة لانهاء الشغور الرئاسي، بدليل موقف رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل المنتقد مسارعة سائر اطراف المعارضة الى الترحيب بمبادرة الاعتدال من دون التشاور في ما بينها، معتبراً أن “لا شيء يميز المبادرات التي طُرحت عن مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي”، مشيرًا إلى أن “النائب علي حسن خليل وضّحها على أنها عملية حوار كما دعا إليها برّي سابقًا”. “الفاتيكان يريد رئيساً”، وفق ما ينقل سياسي من المعارضة اجتمع الى السفير بورجيا اخيراً، يريد رئيسا للبنان بأي ثمن ، ذلك ان انتخاب رئيس أهم من استمرار الشغور في الموقع الرئاسي المسيحي الاوحد في المنطقة. الا ان السياسي اياه لا يشاطر الفاتيكان رؤيته هذه، معتبرا ان الشغورعلى علله ومخاطره افضل من انتخاب مرشح من محور الممانعة والمقاومة ، بدليل العهد الرئاسي الاخير وقد وصلت معه البلاد الى الحضيض، نتيجة ممارسات رئيس ناضل لايصاله محور المقاومة فوصل، ووعد اللبنانيين بجهنم فبلغوها. ولا يتحمل المسيحيون والقادة الموارنة تحديدا تبعات او مسؤولية عدم انتخاب رئيس، كما اتهمهم الرئيس بري منذ مدة، معتبرا “انهم هم من يعطل انتخاب الرئيس بسبب الخلافات في ما بينهم وعدم الاتفاق على اسم الرئيس”. وقد ابلغ بذلك الاجانب الذين زاروا بيروت وشخصيات دبلوماسية معتمدة في لبنان. ويضيف السياسي المعارض ان اتهام الموارنة بتعطيل انتخاب رئيس غير دقيق بدليل ان القادة الموارنة في المعارضة تقاطعوا مع التيارالوطني الحر على تأييد ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور، اي القوات والكتائب والجبهة السيادية والتيار، ورغم ذلك عطل نواب الثنائي الشيعي الدورة الثانية من جلسة 14 حزيران الماضي بعدما نال خلالها ازعور 59 صوتا وسليمان فرنجيه 51. فلو عقدت دورة ثانية وفق الاصول لفاز احد المرشحين ،الا ان الثنائي وخوفاً من فوز ازعورعطل الجلسة واتهم المسيحيين بأنهم غير جديين في ترشيحه لانه مرشح تحد، كما كان ترشيح ميشال معوض قبله. ويعتبر السياسي المعارض ان الثنائي وحده يتحمل مسؤولية ابقاء الرئاسة المسيحية شاغرة لاخفاء حقيقة ان الحزب لا يريد انتخاب رئيس جمهورية للبنان، قبل ان يتم الاتفاق الاميركي الايراني، باعتبار ان ملف الرئاسة هو احد اوراق الضغط القوية، وربما الاقوى بيد طهران في المفاوضات النووية مع واشنطن. ويذكر السياسي في هذا المجال بمواصفات الرئيس التي حددها الخماسي الدولي في بيانه الختامي بعد اجتماعه في الدوحة في 17-7-2023 ، “رئيس يجسّد النزاهة، يوحد الامة ويضع مصالح البلاد في المقام الاول، يعطي الاولوية لرفاه مواطنيه، ويشكل ائتلافا واسعا وشاملا لتنفيذ الاصلاحات الاقتصادية والسياسية،لاسيما تلك التي يوصي بها صندوق النقد”. ويشير الى ان واشنطن تؤيد اي مرشح تنطبق عليه مواصفات بيان الخماسي ، اي رئيس يحمل مشروع حل كامل لا رئيس ادارة ازمة ينفذ اجندة خارجية.رئيس يعمل مع حكومة تكنوقراط لا حكومة توافقات سياسية تحت شعار الوحدة الوطنية، تمعن في هدر ما تبقى في الدولة وتمارس سياسات الفساد نفسها التي قادت البلاد الى الانهيار. ويضيف السياسي الذي زار واشنطن اخيرا ان لبنان الرسمي وعمل حكومة التكنوقراط بمجمله سيكون تحت مراقبة دولية لمنع السرقة والهدر ووقف الفساد، خصوصا ان ثمة دول تعهدت بوضع المليارات في المصرف المركزي لانقاذ لبنان شرط وجود مراقبة دولية. الرؤية الدولية للبنان تستلزم وقتا طويلاً ، ولن تدخل حيز التنفيذ مباشرة مع انطلاق التسوية في غزة، يختم السياسي ،الا انها ستطبق تدريجياً، انطلاقا من انتخاب رئيس على مستوى دقة المرحلة ” لا رئيس “كيف ما كان” لأن “البروفايل” هذا بات خارج النقاش، وقد ولّ زمانه. المصدر : نجوى أبي حيدر-المركزية