عمليات نصب واحتيال.. والضحايا متورّطون
خاص “الملفات” – الفريق الاستقصائي من المتعارف عليه عادةً، أن الضحية هي من يتم استغلالها وخداعها بغية الاستحصال على أموالها أو ممتلكاتها بطرق غير مشروعة أو بمعلومات مضللة، وغالبًا ما يتم تضليلها من خلال عروض ووعود زائفة، ولكن ماذا إذا كانت الضحية نفسها منخرطة في مخططات وأنشطة غير شرعية؟ بالمقابل، المحتال أو “النصاب” كما يطلق عليه بالعامية، فلا يختلف اثنان على أنه يملك من الذكاء والدهاء والحنكة ما يكفي للإيقاع بعدد لا يُستهان به من الضحايا، مستغلاً إما جهلهم أو حاجتهم أو ربما طلباتهم. ولكن “نصّاب” عن آخر يختلف، لاسيما إذا كان على علم ودراية تامة بأن مكائده الاحتيالية لن تورّطه بدعاوى قضائية مع ضحاياه. تفاصيل القضية الجديدة، تروي قصة ابن الـ٢٢ عاماً، “م.ح” . سوريّ الجنسية، مقيم في لبنان ويتقن عملياته الاحتيالية بدقة. “م.ح” أنشأ حساب عبر موقع التواصل الاجتماعيّ “فايسبوك” – مستخدمًا رقمًا وهميًا يبدله من حين إلى آخر. وادعى أنه يملك شركة تختص ببيع المعدّات والآلات التي تُستخدم في رحلة الكشف والتنقيب عن المعادن والآثار والذّهب، علمًا أنها غير قانونية، لأن أعمال التنقيب تحتاج إلى ترخيص من السلطات المختصة، وكل من يقوم بها من دونه يعاقب وفقاً للقوانين المرعية الإجراء في كل بلد. ولم يكتفِ بذلك، فقد استحصل على صور تعود لهذه المعدات ونشرها على أساس أنها تعود له، وما أن يتواصل معه الزبون حتى يرسلها له بغية إقناعه أكثر بأنها حقيقية وموجودة فعلاً في شركته. أما شركته، فعنوانها برج حمود، وعنوان وهمي لكنه بطبيعة الحال يحتاج لأن يحدد مكاناً معيناً لإقناع زبائنه أكثر بأن الشركة حقيقة وموجودة. ولكون هذا الشاب يتقن لعبته جيدًا، اختار عنواناً في نطاق مختلف تماماً لمكان تواجده، وذلك تحسبًا لأي طارئ، كأن يُكشف أمره ويُلاحق من ضحاياه. وبالنسبة لعملية النصب والاحتيال، فكانت تتم كالتالي: ما أن يتفق مع الزبون على “البيعة” يطلب منه إرسال المبلغ المتّفق عليه، والذي تتراوح قيمته بين الـ 700 و800 دولار أميركي،.وأحياناً تتخطى الـ 1000 دولار حسب الزبون. كان الدفع يتم عبر الـ Omt إذ لا يقبل بخاصية الدفع عبر الكاش او عبر تحويل المبلغ إلى حساب مصرفي، والسبب طبعاً يعود لأن الآلات غير موجودة في الحقيقة. وما إن يدفع الزبون المبلغ ويستلمه الأخير، يؤكد له أن المعدات تحتاج أسبوعاً وربما أكثر حتى تصله، بحجة أن الشحن إلى الخارج يحتاج لبعض الوقت. وما هي إلا ساعات قليلة حتى يتبّخر وتتبّخر معه الشركة والرقم الهاتفي، وكأنه لم يكن.ثم يختفي لأيام وأحياناً اسابيع، ثم يعود، ويعيد فتح حساب الشركة ولكن برقم مختلف هذه المرة. ضحاياه هم بغالبيتهم من الخارج وتحديدًا الخليج العربي الذي كان هدفاً في عملياته، وذلك لأسباب كثيرة أبرزها اثنين، الأول، وفرة الأموال لدى العرب وبالتالي لن يكترثوا لمبلغ صغير كهذا في حال خسروه، فيما الثاني يكمن في البعد الجغرافي بينه وبين ضحاياه وبالتالي يتمكّن من تنفيذ عملياته وهو مطمئن من أنه لن يتورط مع أحدهم. وفي السياق، تتحدث المعلومات عن عدد لا يستهان به من الضحايا وهم بغالبيتهم من جنسيّاتٍ عربيّة مختلفة، يشترون المعدّات “أونلاين” ويُرسلون ثمنها عبر شركات تحويل الأموال، فيما العدد الفعلي سواء داخليًا أم خارجياً لم يعرف حتى الساعة. المعلومات المذكورة أعلاه، وصلت أصداؤها إلى آذان المعنيين، لتبدأ عملية المتابعة والرصد الدقيقة سواء في بيروت أو في الشمال. وبعد التثبّت من كافة المعطيات المرفقة بأدلة وإثباتات واعترافات، تمكّن مكتب طرابلس في مديريّة الشّمال الإقليميّة لأمن الدولة من الإيقاع بالشاب واستدراجه إلى كمين محكم حيث تم توقيفه، وتسليمه إلى الجهات المختصّة بناءً على إشارة القضاء المختصّ. المصدر : خاص “الملفات” – الفريق الاستقصائي