مشانق في رومية.. وأزمة قضاة وتعيينات ومحاكمات
خاص “الملفات”- المحرّر الأمنيلم تكن مستغربة الحادثة التي وقعت منذ أسبوعين في سجن رومية، وتحديداً في المبنى “د”، بعدما ثار السجناء وعلّق بعضهم المشانق في باحة المبنى مهدّدين بالانتحار. وقد أعادت هذه الحادثة إلى الواجهة أزمة تأخير المحاكمات والشغور القضائي كما هو حاصل في معظم مؤسسات الدولة. ثورة هؤلاء ليست نابعة من فراغ، بل لأن توقيفهم طيلة هذه الفترة بطريقة مخالفة للقوانين، تجعل منهم مظلومين مهما كان نوع أفعالهم الجرمية، وبالتالي، فإن محاكمتهم حق لهم. تأخير المحاكمات لأسباب عديدة، أدى إلى اكتظاظ مخيف في السجون اللبنانية وليس فقط في رومية، إضافة إلى طفرة الموقوفين السوريين وعدم إيجاد حلول مناسبة لقضياهم وارتباطها بمشكلة النزوح بشل عام. المحاكمات شبه معدومة، وأوضاع السجون تكاد تكون غير مقبولة إنسانياً وصحياً، وتشير مصادر موقع “الملفات”، إلى أنه على الرغم من أن لا اعتكاف أو مشاكل في سير عمل القضاء، إلّا أن المشكلة الأساس تكمن في التعيينات القضائية المجمّدة بفعل الشباك السياسي ولكون الحكومة في حالة تصريف أعمال في ظل غياب رئيس للجمهورية، وهذا ما يدفع معظم القضاة الذين يمارسون مهامهم بالوكالة إلى رفض السير ببعض الملفات والقضايا باعتبارها من صلاحيات القاضي الأصيل. وتُضيف المصادر، أنه إلى جانب مشكلة القضاء التي تُعتبر الأهم والأساس، هناك الأزمات الاقتصادية والتمويلية التي تعصف بالمؤسسات الأمنية من جهة، والقضائية من جهة أخرى وتنعكس أيضاً على واقع السجون، إذ يقول أهالي السجناء إن الأوضاع داخل السجون لم تعد تُحتمل لجهة عدم توفّر أدنى مقومات الحياة، من طعام وأدوية وكهرباء، فيما يتكبّد السجناء تكاليف علاجهم أمام عجز ذويهم عن تغطية نفقات دخولهم المستشفيات. وحده مطلب أهالي الموقوفي، هو تسريع المحاكمات، لأنه من غير المنصف على حد قولهم، أن يتحمّل هؤلاء تبعات الأزمات الاقتصادية والاهتراء في مؤسسات الدولة، وعدم قدرة نقل المساجين إلى قصور العدل وضعف الإمكانات. فاليوم وبحسب الأرقام غير الدقيقة استناداً لازديادها بشكل يومي، تخطى عدد السجناء في رومية مثلاً الـ 3500،أي بزيادة ثلاثة أضعاف عن قدرته الاستيعابية التي تقدّر بـ1200 سجين. وبحسب المعطيات أيضاً يتخطى عدد الموقوفين احتياطياً في السجون من دون محاكمات حوال 6000 سجين ما جعل نسبة التوقيف الاحتياطي تتخطى الـ 80%، وهذا رقم مخيف، والواقع مظلم أكثر، لاسيما وأن منهم قد تخطت مدّة توقيفه مدة محاكمته وعقوبته فيما لو تمت، فيما آخرون يتبيّن لاحقاً أنهم أبرياء وبالتالي لهم في ذمة الدولة عمر قضوه داخل قضبان السجن وحجز للحرية. والجدير ذكره هنا، أن قانون العقوبات حدّد مهلاً معينة للتوقيف الاحتياطي وهي مهل صغيرة زمنية كالشهرين في بعض الجنح مثلاً. اليوم، وكما السابق، تقف التجاذبات السياسية في وجه المواطن وتنمو على حساب حقه وحريته، لأن القول باستحالة إجراء تشكيلات قضائية عامة وشاملة أمر غير منطقي وغير عادل في ظل هذه الواقع المرير للسجون والذي يتعارض مع كل القيم الإنسانية، لذا المطلوب اليوم إيجاد حلول عملية والإسراع في المحاكمات وإخلاءات السبيل، والعمل على خطة مستدامة لبناء سجون جديدة تتوفّر فيها كل الشروط الصحية التي تليق بالإنسان، مهما كانت الظروف السياسية والدستورية، فمن اللا عدل أن يبقى موقوفن في السجن لسنوات طوال من دون محاكمة بسبب غياب رئيس للجمهورية والتنازع على الصلاحيات والعنتريات الطائفية. المصدر : خاص “الملفات” – المحرر الأمني