September 24, 2024

ضربة قاتلة تنتظر السلك القضائي

في الوقت الذي تشتعل فيه الجبهة الجنوبية، واللبنانيون يعيشون أيامهم تحت وطأة احتمالية توسّع الحرب، لا تزال الدولة بأركانها تهتزّ وتنهار شيئاً فشيئاً. والمقولة التي تعتمد على أن كل الأمور يمكن إصلاحها طالما أن القضاء متماسك ستبدأ بالانهيار، مع اقتراب موعد انتهاء ولاية مجلس القضاء الأعلى في تشرين الأول المقبل بفعل إحالة أعضائها إلى التقاعد، لاسيما مركز رئاسة التفتيش الشاغر مع إحالة رئيسه السابق بركان سعد إلى التقاعد، إضافة إلى تقاعد مدعي عام التمييز غسان عويدات وتكليف القاضي جمال حجار ليقوم بمهامه بالإنابة وليس بالأصالة، ما يعني عدم تمكّنه من الانضمام إلى مجلس القضاء لأنه ليس قاضياً أصيلاً، هذا فضلاً عن الفراغات الهائلة في الهيئات القضائية، وبعض الغرف وفي المحاكم بفعل التقاعد وغياب التعيينات.  هذا المشهد يُنذر بالخطر الداهم، وسط مشكلات كبيرة يعاني منها القضاء وما يتبعها فيما يختص بتأخير المحاكمات وأوضاع السجون والموقوفين والإكتظاظ في النظارات، والخوف من الانفجار الكبير الذي قد يُحدثه تكرار الإشكالات التي تهزّ بعض السجون لاسيما في رومية. إضافة إلى الصورة العامة لهيبة الدولة المتمثلة بالسلك القضائي المسؤول بدوره أيضاً عن تصحيح مسار الإدارة العامة ومراقبة سير الإصلاحات المطلوبة للنهوض من الأزمة التي وقعت فيها البلاد. لكل ذلك، تُعتبر التعيينات في هذا الصدد أمر مُلحّ ومُهم ولا يتحمّل المناكفات السياسية التي تُفشل مسار كل الاستحقاقات، إلّا أن الأمور تواجهها معضلات جمّة أهمّها غياب رئيس للجمهورية وحكومة في حالة تصريف أعمال وتتعرّض لمقاطعة وزارية. فكيف سيكون المشهد إذا انتهت ولاية مجلس القضاء الأعلى بلا تعيينات جديدة؟ وهل من حلول قد يتم اللجوء إليها لتفادي هذا الشغور القاتل في هذه الظروف؟ تعليقاً على هذه الإشكالية يؤكد الخبير الدستوري الدكتور جهاد اسماعيل في حديث لموقع “الملفات” أنه من الثابت، بصورة مبدئية، أن حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع أن تُعيّن موظفين جدد أو هيئات إدارية أو قضائية جديدة، لأنّ هذا الأمر يقع في دائرة الأعمال التصرفيّة الّتي استقر الاجتهاد الإداري على تحريم القيام بها.  وهنا يُشير اسماعيل إلى أن “هذا المنع، يزول في ثلاث حالات على وجه التلازم: الأولى: تمدّد فترة تصريف الأعمال إلى مهلة تتجاوز الأسابيع، حيث تصل إلى سنة أو أكثر، ممّا ينعكس على إمكانية هذه الحكومة في التعيين، انسجاماً مع ما استقر به اجتهاد مجلس شورى الدولة وتحديداً في قرار رقم ٣٤٩ /٢٠١٥ لجهة تغيير شكل الحكومة وصلاحياتها بنصّه “إنّ نظرية تصريف الأعمال للحكومة معدّة للتطبيق لفترة زمنية لا تتجاوز الأيام أو الأسابيع، وإنّ تمدّدها من شأنه أن يعكس مفهومها”. الثانية: انتفاء القانون الواجب التطبيق لأيّة آلية تجيز الإنابة بدلاً عن الموظف الأصيل أو الهيئة الأصيلة، حينها يجوز تعيين موظف جديد. الثالثة: انتفاء النصّ القانوني الّذي يعلّق مفعول التعيين الجديد على إجراء معيّن”.  وفي هذه السياق، أوضح الدكتور جهاد أن “الشرطين، الأول والثاني، متوافران، إلّا أن الشرط الثالث غير متوافر، تبعاً للمادة ٣ من قانون تنظيم القضاء العدلي الّتي تُلزم أعضاء مجلس القضاء العدلي القسم أمام رئيس الجمهورية فور التعيين، ذلك أن هذا النصّ يقودنا إلى مسألتين: الأولى، لمّا كانت صلاحيات رئيس الجمهورية عند خلو سدّة الرئاسة تناط، وكالةً، بمجلس الوزراء عملاً بالمادة 62 من الدستور، إلّا أنه لا يجوز للحكومة، مكتملة الأركان أم مستقيلة، ممارسة هذا الأمر، أيّ المثول أو القسم أمامها، لأنه إمتيازٌ خاص لرئيس الجمهورية المؤتمن، وفق نص المادة 50 من الدستور، على دستور البلاد وقوانينها بموجب اليمين الدستورية فور تسلّمه سدة الرئاسة، ما يعني أن المادة 62 أوكلت الصلاحيات الرئاسية للحكومة لا الامتيازات وسواها، ما دام الشغور الرئاسي قائماً.  الثانيّة، لا يمكن التقليل من شأن “اليمين” الواجب إدلاؤه أمام رئيس الجمهورية، فهو، برأينا، شرطٌ معلّق لممارسة المهام ، وبالتالي إن الشغور في سدة “الرئاسة” يُرجئ مفعول التعيين ريثما تتوفّر ظروف “اليمين القانونيّة”. وتابع: “ما يعزّز هذا المنحى من التحليل، هو أن المادة الثالثة من قانون رقم 243 من النظام الداخلي للمجلس الدستوري اعتبرت أن مدة ولاية أعضاء المجلس تبدأ من تاريخ أداء قسم اليمين، والأمر نفسه نجده في المادة 10 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، حيث لا يجوز للمحامي أن يبدأ ممارسة المحاماة قبل حلف اليمين”. ما يعني أنه لو توفّر الشرطان المذكوران سابقاً، وتم التعيين إلّا أنه سيبقى معلّقاً وعديم المفعول في ظل غياب الرئيس، وبما أن لا أفق قريبة لانتخاب رئيس الجمهورية، يعتبر اسماعيل أن “الحل يكمن في اجتماع المجلس النيابي لإقرار قانون لتعديل المادة ٣ من قانون تنظيم القضاء العدلي بهدف تعليق اليمين إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية أو أيّ إجراء آخر لا يتعارض مع المبادئ العامة للقضاء، وهو أمرٌ ينسجم مع الفقرة الثالثة من المادة ٦٩ من الدستور بنصّها “عند استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة يصبح مجلس النواب في حالة انعقاد حكمي حتّى تأليف الحكومة ونيلها الثقة”، ذلك أن ما لا تستطيع الحكومة المستقيلة القيام به يصبح، حينئذٍ، شأناً تشريعياً من شؤون مجلس النواب، حيث يمكن في هذه الحالة أن يتبدّد المانع أمام حكومة تصريف الأعمال ويزول، بالتالي، النص القانوني الّذي يعلّق مفعول التعيين على إجراء معيّن”. المصدر : خاص – موقع “الملفات”

١١١ قاضٍ إلى الاعتكاف

كشفت مصادر قضائية لموقع “الملفات” عن توقف فسري عن العمل لعدد من القضاة العاملين في القضاء العدلي والإداري والمالي، ناهز عددهم الـ 111 قاضٍ، إلى حين توافر مقومات العيش والعمل بكرامة. وتؤكد المصادر للملفات أن هذا القرار أتى عقب عجز الدولة عن تغطية تكلفة الاستشفاء والطبابة والتعليم الخاص بهم وبعائلاتهم، ناهيك عن ظروف العمل غير اللائقة بالكرامة داخل قصور العدل. المصدر : موقع الملفات