شبح يهدّد بيوتنا
خاص الملفات – جويل خضرا أيّ ازدهار نريد لمجتمعاتنا وبيوتنا مهدّدة من الداخل، حيث ظاهرة الطلاق إلى ارتفاع، وتهدّد مجتمعاتنا التي لم تكن تشهده بهذه الطريقة، وفي الوقت الذي ينتشر بين مختلف طبقات المجتمع، بعدما تحوّل إلى حلّ للمشاكل الزوجيّة من دون مراعاة مصير كلّ من الطرفين، وذلك بفعل تأثيرات العوامل الخارجية على الزوجين لجهة حملات التحرّر والحرية. قبل قرون من الزمن، كان الناس يعيشون في بيوت مصنوعة من القشّ أو الطين أو الجلد، وكان مظهرها يوحي بالوهن والضعف، إلاّ أنّ داخلها كان مثقلاً بالحبّ والمودّة والرحمة. أمّا اليوم، فالبيوت تُبنى بالحديد والإسمنت، وتلفّها الأحجار، لكن داخلها هشّ، يهتزّ من النسيم وينهار أمام أوّل ريح. إنّها لظاهرة تستحقّ الدراسة، فالبيوت ما عادت آمنة، وما عادت تعطي السكينة والهدوء لأهلها، فيما شبح الطلاق يلوح أمام الزوجين. أرقام خطيرة! زوّدت المحاكم الشرعية أساتذة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية بأرقام خطيرة، تؤكّد أنّ نسبة الطلاق في لبنان ارتفعت من 4% في أوائل التسعينات، إلى حدود 30% في السنوات العشر الأخيرة، وبذلك تقترب النسبة من نسبة الطلاق في أوروبا وأميركا الشمالية والبالغة 40% بعد 5 سنوات زواج. أسباب الطلاق يعتبر المحامون المختصّون أنّ الحالة الاقتصادية والخيانة الزوجية وعدم تحمّل المسؤوليات هي عوامل تؤثّر بالطلاق. بينما يرى الباحثون الاجتماعيون أنّ الأمر عائد إلى الإشباع الغرائزي الذي يسعى إليه الزواج بغضّ النظر عن الإشباع الفكري. مضربون عن الزواج هناك شريحة من الشباب اللبناني تعرض عن القيام بخطوة الزواج بسبب الطلاق على اختلاف مذاهبهم، ويذهب البعض إلى اعتبار الطلاق “مشكلة لا حلّ لها، خصوصاً إذا كان المطلّقان قد أنجبا أطفالاً”. أمّا الآخرون، فيأخذون حذرهم من الزواج، “لأنّ الطلاق أمر بالغ الصعوبة في حال فشلت العلاقة”. تأخير سنّ الزواج يقول بعض الباحثين الاجتماعيين أنّ الشباب لا يتزوّجون اليوم خشية الطلاق، فيما الفتيات يسعين اليوم إلى التعلّم والتألّق في مجالهنّ العملي ما يؤخّر سنّ الزواج. كما أن الحال الاقتصادية في لبنان ساهمت في تراجع سنّ الزواج، خصوصاً أنّ الطرفين يسعيان إلى الحصول على وظيفة. يُضاف إلى ذلك، أن معظم الزيجات اللبنانية عقلانية وليست بدافع الحب، خصوصاً وأنّها تتمّ في عمر متقدّم ما يؤدّي إلى نشوء الخلافات فيُطرح الطلاق كحلّ أساسي للمشكلة. الأطفال ضابط اجتماعي وبالرغم من أنّ حجم الطلاق في لبنان لا يضاهي حجمه في البلدان الأوروبية، إلاّ أنّه واقع يفرض نفسه في المجتمع اللبناني عند جميع الفئات الدينية والاجتماعية، وما زال الأزواج يعملون على “تصفية خلافاتهم” بالحسنى من أجل أطفالهم. في الدول ذات الطابع الذكوري، تقع المرأة دائماً ضحيّة فلا يسعها إيقاف ما تؤمر به، تعفو عن زوجها، تصفح عن خطيئته بحقّها، تتنازل عن كبريائها من أجل أولادها في معظم الأحيان، وتعود إلى زوجها على مضض أحياناً لأنّ هذا الخيار المرّ، أفضل من الأمرّ، وهو البقاء في منزل ذويها مطلّقة. المصدر : خاص الملفات – جويل خضرا