December 22, 2024

الموت الطائش

الرصاص الطائش وتأثيراته القاتلة: واقع مرير في لبنان تتكرر في لبنان سيناريوهات حوادث إطلاق الرصاص العشوائي التي تشكل تهديدًا للمواطنين في مختلف الأماكن والأوقات، سواء كانوا جالسين على شرفات منزلهم، أو حاضرون ضيوفا في مناسبات، أو يسيرون في الشوارع في الصباح، أو حتى أثناء نومهم في ساعات متأخرة من الليل.  تعود هذه الظاهرة إلى التفلت والاستخدام غير المضبوط للأسلحة النارية من قبل الأفراد، مطلقين الرصاصات الطائشة مما يسبب أضرارًا غير مقصودة تلحق بالغير قد تنحصر بالأضرار المادية انما غالبا ما تتجاوز ذلك حتى الأضرار الجسدية وصولا الى القتل. غالبا ما يغزو الرصاص الطائش الخطابات السياسية، والإعلانات الرسمية، وحفلات الزفاف، والجنائز او حتى الاحتفال بصدور النتائج الرسمية. الموت الطائش بحسب البيانات التي جمعتها وسائل الإعلام اللبنانية المختلفة، تم تسجيل مجموع قدره 250 حالة (81 حالة وفاة و169 إصابة) نتيجة لحوادث إطلاق الرصاص العشوائي بين عامي 2010 و2021. وتشير الإحصائيات إلى أن لبنان يشهد حوالي 7 قتلى و15 إصابة بسبب الرصاص الطائش سنوياً. أما عالميا فتشير الإحصائيات إلى أن الرصاص الطائش يتسبب في وفاة وإصابة آلاف الأشخاص كل عام. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فقد بلغ عدد ضحايا الرصاص الطائش في العالم بين عامي 2017 و2020، ما يقرب من 30 ألف شخص، من بينهم 3200 طفل. تقاعس في عام 2016، أقر مجلس النواب اللبناني قانونًا يشدد العقوبات على المسؤولين عن إطلاق الرصاص العشوائي. ومع ذلك، شهد العام التالي (2017) أعلى عدد من الضحايا، حيث تم تسجيل 41 حالة وفاة وإصابة نتيجة لهذه الظاهرة. في نفس العام، تم اعتقال نحو 300 شخص بتهمة إطلاق النار، وفقًا للمعلومات التي قدمتها قوى الأمن الداخلي لوسائل الإعلام. تشير الإحصائيات إلى أن محافظة بعلبك-الهرمل شهدت أعلى عدد من الضحايا (42 حالة)، في حين تم تسجيل حالتي وفاة فقط في محافظة النبطية. من إجمالي الحوادث البالغة 147 حادثًا، تعرض 43 ضحية لإطلاق نار طائش من مصدر غير معروف، في حين تم تسجيل 32 حالة وفاة أو إصابة بسبب إطلاق النار ابتهاجًا. رئيس اللجنة البرلمانية لحقوق الإنسان السابق، غسان مخيبر، أكد الأهمية لضرورة تنفيذ القانون بدقة، حيث أشار إلى أن هناك تقاعسًا في تنفيذه، رغم أنه تم اعتماد قانون في عام 2016 يشدد عقوبات إطلاق الرصاص العشوائي. تمثل هذه الظاهرة تحديًا للأمان العام والاستقرار، حيث يتسبب الإطلاق العشوائي للرصاص في خروجه عن السيطرة، مما يجعله يمثل تهديدًا حقيقيًا لحياة الأشخاص ولكن يبدو أن التنفيذ لم يكن كافيًا للحد من هذه السلوكيات غير المسؤولة. حبس وغرامة ينص القانون اللبناني على معاقبة كل من يقوم بإطلاق النار في أماكن مزدحمة أو في وسط حشود من الناس، سواء كان السلاح مرخصًا أو غير مرخص، بالحبس وبغرامة مالية حيث تنص المادة 75 من قانون الأسلحة والذخائر اللبناني على معاقبة “كل من أقدم على إطلاق النار في الأماكن الآهلة أو في حشد من الناس، من سلاح مرخص أو غير مرخّص، بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات، وبغرامة مالية، ويصادر السلاح في جميع الأحوال”.  وتنص المادة السابعة من القانون على أنه “لا تعطى رخصة السلاح إلا للبنانيين البالغين من العمر 21 عاما، وبعد التأكد من سلامتهم من الأمراض العقلية، ومن عدم صدور حكم يمنعهم من حمل السلاح أو حكم من أجل الجرائم الماسة بأمن الدولة”. كما تنص المادة 25 على أنه “لا يرخص لأحد باقتناء أو حيازة أو نقل المعدات والأسلحة والذخائر الداخلة في الفئتين الأول والثانية إلا في حال اضطراب الأمن، أو في الحالات المنصوص عليها في الفصل الثاني المتعلق بصناعة هذه المعدات وتجارتها وذلك ضمن الشروط المعينة فيه. وتعطى الرخصة بناء على قرار من وزير الدفاع الوطني، ويدخل ضمن الفئتين الأولى والثانية: البنادق والرشاشات والذخائر والقذائف والخرطوش ومركبات القتال والدبابات والسيارات المصفحة وغيرها. من احتفال إلى مأساة ولعل اصابة الطفلة نايا حنا ابنة السبع سنوات خير دليل على هذا الحديث، بعد أن أصابها “رصاص الجريمة” الذي اطلقه المبتهجون بشكل عشوائي عند إعلان نتائج الامتحانات الرسمية مما ادى الى وفاتها بعد فترة على اصابتها. وفقًا لوصف رئيس بلدية الحدث، جورج عون أن الواقعة وقعت في بعد ظهر الأربعاء الماضي، داخل ساحة مدرسة القلبين الأقدسين في الحدث، حيث كانت نايا تقضي وقتها مع أصدقائها في مخيم  “Colonie” الصيفي. وفي لحظة لا تتجاوز التصور، أصابها رصاص “المبتهج القاتل” الذي يخلو من كل معاني الإنسانية. وتعتبر هذه الواقعة مثالًا جديدًا لمأساة السلاح المتفلت في لبنان، حيث يُظهر ذلك كيف يتحول الاحتفال بالنجاح إلى مأساة جديدة بسبب إطلاق النار العشوائي. هذا وتؤكد المآسي المتعددة والمتكررة على أهمية تطبيق القوانين وتشديدها لمنع إطلاق النار العشوائي، وضمان سلامة المواطنين. تجدر الإشارة إلى أن عددًا كبيرًا من الأفراد في لبنان يمتلكون الأسلحة الخفيفة، وهو ما يزيد من انتشار هذه الظاهرة المدمرة. بالإضافة إلى ذلك، على السلطات اتخاذ الخطوات اللازمة لتوعية الأفراد عن مخاطر إطلاق النار العشوائي، وتعزيز الوعي بضرورة احترام الأرواح والسلامة العامة. فتطبيق القوانين بشكل صارم وعادل يمثل السبيل للحد من هذه الظاهرة الخطيرة والحفاظ على سلامة المجتمع. تعد هذه المسألة تحديًا مستمرًا يواجهه اللبنانيون، حيث يشعرون بعدم الأمان نتيجة للخطر المحتمل الذي يمثله إطلاق الرصاص العشوائي. فبالاضافة الى التوعية المتزايدة الضرورية حول هذه المسألة، فإن تشديد العقوبات وتنفيذها بشكل صارم يعد ضروريًا لضمان سلامة وأمان المواطنين والحفاظ على النظام العام في البلاد. المصدر: خاص الملفات