قانون الجنسية اللبنانيّة.. توطين غير مباشر!؟
قانون الجنسية اللبنانيّة: هل هو تحيّز أبوي قديم أم إجراء ضروري للأمان الوطني؟ الجنسية هي العضوية التابعة للشخص في دولة معينة، وهي تُعتبر من أهم الرموز القانونية للانتماء والانتساب إلى دولة معينة. يرتبط الاستحصال على الجنسية عالميا بعدة روابط وهي رابطة الأرض، رابطة الدم ورابطة الزواج وتكون الجنسية عادة مكتسبة عند الولادة (جنسية الميلاد) إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما مواطنين في الدولة المعنية، أو يمكن أن تكون مكتسبة في وقت لاحق من خلال عملية الطبيعة أو التجنيس. تمنح الجنسية للفرد حقوقًا ومزايا مختلفة في الدولة، مثل الحق في التصويت والحصول على الخدمات الحكومية والوصول إلى فرص العمل والحماية الدبلوماسية والقانونية. قد تختلف قوانين الجنسية من دولة إلى أخرى، وتعتمد على عوامل مثل النظام القانوني والتاريخ والتراث الثقافي والاجتماعي لكل دولة. تعتبر الجنسية أحد القضايا المهمة والمثيرة للجدل في العديد من الدول، وقد تظهر النقاشات حول منح الجنسية للمهاجرين واللاجئين وتعديل قوانين الجنسية لتعزيز التكامل الاجتماعي وحقوق الأقليات والمساواة بين الجنسين. تناولت العديد من الاتفاقيات الدولية موضوع الجنسية واهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة “سيداو”، اتفاقية حقوق الطفل. صادق لبنان على الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يكفل الحق بالجنسية، واتفاقية حقوق الطفل من دون اي تحفظات، رغم أن الاتفاقية تنص بشكل واضح على حق الطفل في الحصول على جنسية والديه، وهو ما لا يلتزم فيه لبنان. وأبدى لبنان تحفظات على اتفاقية “سيداو”، شملت المادة التاسعة التي تشير إلى الجنسية. قضية محورية قانون الجنسية اللبناني، الذي صدر في عام 1925 وتم تعديله في 1960، ينص على عدم قدرة الأم اللبنانية المتزوجة من أجنبي على منح الجنسية لأبنائها. وفقًا لهذا القانون، يُعتبر الشخص لبنانيًا فقط إذا وُلِد من أب لبناني وكل شخص مولود في اراضي لبنان الكبير ولم يثبت انه اكتسب بالبنوة عند الولادة تابعية اجنبية وكل شخص يولد في اراضي لبنان الكبير من والدين مجهولين او والدين مجهولي التابعية. وبالتالي، لا تزال الأم اللبنانية محرومة من حقها في منح الجنسية لأولادها حتى يومنا هذا. ومع ذلك، هناك تفاوت في المعاملة بناءً على حالات محددة في القانون. يُسمح للأم الأجنبية التي اكتسبت الجنسية اللبنانية بسبب الزواج من لبناني بمنح الجنسية لأولادها الأجانب من زواج سابق، قبل زواجها بلبناني. وأيضًا، تستطيع الزوجة الأجنبية بعد ثلاث سنوات من زواجها بلبناني وإنجابها لأطفالها الحصول على الجنسية اللبنانية. بالإضافة إلى ذلك، تُمنح الزوجة الأجنبية الجنسية بعد مرور خمس سنوات حتى من دون إنجاب، وذلك بناءً على تقدير الأمن العام. هذا التفاوت في المعاملة أثار جدلاً حول عدم المساواة بين النساء اللبنانيات والأجنبيات فيما يتعلق بمنح الجنسية لأبنائهن. وتُطالب الناشطات والمنظمات بتغيير هذا القانون وتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين فيما يتعلق بحق منح الجنسية للأبناء. – مما دفع الى انشاء حملات عديدة للمطالبة بمنح المرأة اللبنانية الجنسية لأولادها اسوة بالرجل ومنها “جنسيتي حق لي ولأسرتي” – أطلقتها مجموعة الابحاث والتدريب للعمل التنموي “CRTD” و “جنسيتي إلي وإلهن” – أطلقتها اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة وغيرها. المطالبة بتغيير هذا القانون ومنح الأم اللبنانية الحق في منح الجنسية لأولادها قد أصبحت قضية محورية تحظى بتأييد قوي من عدة كتل نيابية. حيث يتم التأكيد على ضرورة تبني المبادئ الأساسية للشمولية وعدم التجزئة والمساواة في القانون لتحقيق العدالة الاجتماعية في هذا الشأن. التوطين حجة؟ بالرغم من استخدام حجج التوطين في بعض الأحيان، فالعديد يزعمون عدم الاجازة للمراة اللبنانية منح الجنسية لأولادها لان ذلك سيشكل توطينا غير مباشر لا سيما وان العديد من النساء متزوجين من رجال من الجنسيات السورية والفلسطينية، إلا أن هذا لا يجب أن يطبق على مسألة حقوقية وإنسانية تؤثر على جزء من المواطنين اللبنانيين. هذه المسألة أصبحت محوراً للنقاش على الصعيد السياسي وقد أشارت بعض الكتل النيابية ذات الثقل إلى ضرورة التسريع في إقرار قانون يمنح الأم اللبنانية حق منح الجنسية لأولادها كونه حقًا أساسيًا من حقوق المرأة. في ظل هذا الواقع توضح هذه القضية كيف تؤثر السياسات والقوانين المتعلقة بالجنسية على حياة الأطفال والأزواج بشكل شامل، حيث تتأثر الإقامة القانونية وفرص الحصول على العمل والتعليم والخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية. بالإضافة إلى ذلك، تسلط الضوء على المخاطر التي يواجهها بعض الأطفال في فقدان الجنسية حيث يبقى المتضررون الأكبر الأولاد المولودين من ام لبنانية واب اجنبي، حيث يولدون ويعيشون في لبنان دون ان يشعروا بالانتماء حقيقة خاصة انهم يستثنون من حقوق عدة تعود للأولاد المولودين من اب لبناني كالمساعدات التي منحت للمدارس الرسمية. في الخلاصة، من الضروري على لبنان أن ينهي جميع أشكال التمييز ضد النساء اللبنانيات وأزواجهن وأطفالهن في قانون الجنسية لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية. المصدر: موقع الملفات – المحامية جويل نجيم