الجمارك توقظ هواجس المسيحيين!
تقاطعت القوى المسيحيّة من جديد، على «التحذير من الإخلال بالتوازن والشراكة وضرب ميثاق العيش المشترك بين اللبنانيين»، بُعَيد تبيان توجّه مجلس الوزراء إلى الاستعاضة عن الطلب من المعنيين تنظيم دورة خفراء جمركيين جديدة لسدّ النقص في ملاك الضابطة الجمركية، بتعيين من تبقّى من خفراء ناجحين في المباراة التي أعلنت نتائجها عام 2018، ويقارب عددهم 197 شخصاً. ومع دعوة مصلحة القطاع العام في «القوات اللبنانية» مجلس الوزراء وإدارة الجمارك إلى الامتناع عن إقرار هذا التعيين، اعتبرت في بيان أنّ «الإصرار الشديد على إمرار تعيين ما يقارب 200 خفير في مديرية الجمارك، يُشكّل نسفاً للتوازن ولجوهر قرار مجلس الوزراء 9/2020 الذي أورد في متنه بوضوح ضرورة مراعاة مقتضيات الوفاق الوطني والعيش المشترك». في حين نبّه «التيار الوطني الحر» إلى خطورة خطوات مماثلة في الدولة وإداراتها، وحذّر في بيان أصدرته اللجنة المركزية للإدارة والمراجعات – القطاع العام من «إمعان الممسكين بالسلطة في استغلال الفراغ الرئاسي لضرب مرتكزات الميثاقية والعيش الواحد، وذلك عبر محاولة إمرار تعيين حوالى 200 خفير من طائفة واحدة في إدارة الجمارك، من دون أي عنصر مسيحي، خلافاً لقرار مجلس الوزراء رقم 9/2020 الذي نصّ على التعيين بشكل يراعي مقتضيات الوفاق الوطني والعيش المشترك». ويعود تركيز «القوات اللبنانية» كما «التيار الوطني الحر» على وجوب العودة إلى قرار مجلس الوزراء رقم 9/2020، كون القرار أتى ليبتّ الاختلاف بين أعضاء المجلس الأعلى للجمارك حول إصدار النتائج وفق لائحة الأسماء التي رفعها مدير الجمارك العام حينها، معتمداً ترتيب نجاحهم في المباراة. وخلص المجلس بعد عرض وزير المالية الموضوع عليه لاتخاذ القرار المناسب في شأنه في تاريخ 14/7/2020 إلى أنه «في سبيل المحافظة على مقتضيات الوفاق الوطني، قرّر المجلس الموافقة على تعيين الخفراء الناجحين في المباراة التي جرت لتطويع خفراء لصالح الضابطة الجمركية بحسب ترتيب نجاحهم في المباراة وبشكل يراعي مقتضيات الوفاق الوطني والعيش المشترك». وفي التفاصيل توضح أوساط متابعة، أنه على أثر قرار مجلس الوزراء حينها، وبتاريخ 17/9/2020، تقدّم كل من أحمد محمد الحاج شحادة وعبد الكريم محمد الحجار ومحمد طارق دحروج وأحمد بدر الدين الحجار وخضر طارق الحجار ومصطفى جمال المعلم وجاد فاروق الحاج شحادة وأسد محمد شعبان وأحمد زياد شعبان بمراجعة أمام مجلس شورى الدولة يطلبون بموجبها قبول المراجعة في الشكل، وفي الأساس إبطال القرارين رقم 61/2020 و62/2020 الصادرين بتاريخ 24/8/2020 عن المجلس الأعلى للجمارك والمتضمّنين تعيين خفراء جمركيين، إضافة إلى القرار رقم 9/2020 الصادر عن مجلس الوزراء، وإعلان حقّ المستدعين بالتعيين في وظيفة خفير جمركي متمرّن وتسوية وضعهم على هذا الأساس. وفي 23/3/2023، إتّخذ مجلس شورى الدولة برئاسة القاضي فادي الياس والمستشارين كارل عيراني وباتريسيا فارس قراراً بالإجماع، قضى بقبول المراجعة في الشكل أولاً، وتالياً إبطال القرار رقم 9 الصادر عن مجلس الوزراء بتاريخ 14/7/2020، كما إبطال القرارين 61/2020 و62/2020 الصادرين عن المجلس الأعلى للجمارك. وفي 10/8/2023، إعتبرت وزارة المالية أنه يُفهم أنّ قرار مجلس شورى الدولة هو إبطال جزئي لقراري المجلس الأعلى للجمارك 61/2020 و62/2020 وتبيّن أنه يوجد شغور في وظيفة خفير جمركي في ملاك الضابطة الجمركية، بالإضافة إلى توفّر اعتمادات لتعيين المستدعين. وبتاريخ 7/9/2023، جدّد مجلس الوزراء التأكيد على القرار رقم 9/2023 مع الموافقة على تعيين المستفيدين من قرار مجلس شورى الدولة رقم 457/2022-2023 (وعددهم 9) إضافة إلى جميع الخفراء الناجحين في المباراة التي جرت لتطويع خفراء لصالح الضابطة الجمركية (برّ وبحر وجهاز فنّي) والذين استبعدوا نتيجة تطبيق قرار مجلس الوزراء حينها. سلك قرار «الشورى» طريقه إلى المجلس الأعلى للجمارك، فقرّر تعيين المستدعين التسعة حصراً المستفيدين من قرار «الشورى» من دون غيرهم، باعتبار أنّ أفراد الدورة الآخرين من الناجحين لم يشملهم قرار مجلس شورى الدولة في متن مضمونه. كذلك لفتت «لابورا» إلى «أنّ ما يجري في العديد من الإدارات، وفي إدارة الجمارك، يكشف بشكل فاضح وخطير تواطؤ الحكومة على التغييب الممنهج للمسيحيين عن مؤسسات الدولة، وبالتالي عن المشاركة في خدمة الوطن». كما اعتبرت «أنّ صمّ الآذان عن المراجعات المتكرّرة من قبل أعلى المرجعيات المسيحية حول هذا الموضوع، يؤكد إصرار حكومة تصريف الأعمال على إمرار مشاريع الإقصاء ضد المسيحيين، وهو أمر لا يستهدف المسيحيين فحسب، بل يستهدف لبنان بدستوره وصيغته، وسيؤدي إلى تغيير وجه الوطن، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه. لذلك تدعو «لابورا» حكومة تصريف الأعمال الى التراجع عن قرارها المجحف في حقّ التوازن في لبنان». الجدير ذكره، وفقاً للمتابعين، أنّ نسبة التوزيع الطائفي في عدد العاملين في الضابطة الجمركية حالياً هي 67 في المئة من المسلمين و33 في المئة من المسيحيين (خاصة بعد تقديم عشرة من المسيحيين استقالاتهم). المصدر : نداء الوطن – طوني كرم