December 22, 2024

الذكاء الإجرامي.. عُملات رقمية وغسيل أموال!

الجريمة السيبرانية  –: Cybercrime‏ هي الجريمة الرقمية – الإلكترونية، هي كل مخالفة ترتكب ضد أفراد أو جماعات بدافع جرمي ونية الإساءة لسمعة الضحية أو لجسدها أو عقليتها، سواءً كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وأن يتم ذلك باستخدام وسائل الاتصالات الحديثة مثل الإنترنت، غرف الدردشة، البريد الإلكتروني أو المجموعات لا يوجد تعريف عام لمفهوم الجريمة الرقمية نظراً لحداثة هذه الظاهرة الاجتماعية بعد تطوّر وسائل الاتّصال، حيث يتمّ استخدام مصطلحات الجريمة الإلكترونية والافتراضية والحاسوب، بهدف وصف تلك الجريمة التي تُرتَكَب من خلال أي نوع من المعدّات الرقمية والتقنية والشبكات.  تحدث الجرائم الإلكترونية من خلال التكنولوجيا، مثل الكمبيوتر والكمبيوتر المحمول والهاتف واستخدام تطبيقات الـ   Facebookوالـ  Twitter والـ WhatsApp والـ TikTok و الـ Instagram  والإنترنت و Web Chrome  ومواقع أخرى.  تشهد التقنية والتكنولوجيا تطورات كثيرة واستحداث لأمور جديدة، هذا الأمر ينذر بتطور أدوات وسبل الجريمة الإلكترونية بشكل أكثر تعقيداً أو أشد ضرراً من قبل. تختلف الجريمة الإلكترونية إختلافًا جذريًا عن أنواع الجرائم الأخرى وذلك لأنها من الجرائم المستحدثة نظير التقدم التكنولوجي الهائل، فالجريمة الإلكترونية تمثل ضربًا من ضروب الذكاء الإجرامي.   وقد استغل مرتكبو الجريمة الإلكترونية التقدم التكنولوجي وطوعوه لصالحهم، فالخطر الذي يُمكن أن تفرزه التكنولوجيا المعلوماتية قد يفوق كل تصور، فتعدد مظاهر الإساءة والاستغلال السيء في استعمال هذه التقنية يؤكد على انسيابها وتشعبها بشكل يصعب السيطرة عليه، وهذا يؤكد على عدم وجود نقطة تنتهي إليها الجريمة الإلكترونية، ولهذا يُمكن القول إن أي معلومة قد يحتويها أي جهاز موصول بالإنترنت لا يمكنها أن تفلت من بصمة هذه الجريمة. يُطلَق على المجرم الرقمي إسم المخترق Hacker، وهو الذي يمارس جريمته السيبرانيّة من خلال أجهزة الكومبيوتر بهدف القرصنة والتصيّد الإحتيالي والإضرار بالأشخاص أو الشركات، وبالتالي الوصول الى معلومات شخصية أو تجارية يتمّ بيعها وإستثمارها من خلال التهديد وقبول الرشوة. فيُمكن من خلال الإنترنت سرقة المستندات والبيانات والملفّات والصور وتزويرها وإختراق مواقع المعلومات وتدميرها، ونشر الإشاعات وتشويه سمعة الأشخاص والمؤسسات والدول، والاستيلاء على الإنتاج الفكري والعلمي للآخرين، بل ونشر الفتن والفسوق والفجور، وإختلاس الحسابات المصرفية والمالية عبر الشبكة، ناهيك عن مكالمات “التصيّد الإحتيالي الصوتي” الذي إنتشر في الآونة الأخيرة بهدف توريط المتلقّي في إجراء تحويلات مالية، إضافة الى الإبتزاز والنمطيّة على صفحات التواصل الإجتماعي وتطبيقات الدردشة، وتشجيع الإرهاب والقتل وتجارة المخدرات والأسلحة ومختلف الأفعال الجرمية.   كلّ ذلك بفعل تطوّر الخدمات الشبكيّة وثورة التكنولوجيا التي أفرزت نوعاً جديداً من المعاملات الإلكترونية في بيئة إفتراضيةٍ دخيلة، أحدثَتْ خَضَّةً على المستوى الإقتصادي والإجتماعي والثقافي. تزداد الجرائم الرقمية – الألكترونية تعقيداً في الآونة الاخيرة في لبنان مع تطوّر وإنتشار الأدوات التي تُستخدم لتنفيذها، وقد يؤدي إنتشارها ورواجها السريع والمتنامي الى تفاقم المشكلات التي تصل الى تهديد الأمن القومي، وخصوصًا أّنها في معظمها تطال البُعد الإجتماعي، فالتشهير والتحرّش ونشر الأخبار الكاذبة والنمطيّة وإثارة النعرات الطائفية والسياسية وترويج الشائعات الهادفة من طريق الرسائل النصيّة أو الصوتية، قد تؤدي الى إستخدام العنف وزعزعة الثقة وتفكيك أواصر العلاقات بين الأفراد والجماعات. وعليه، نقول إنّ الجريمة الرقمية – الألكترونية هي إحدى السلوكيات والأفعال الخارجة عن القانون، ونوع من المخالفات التي تُرتَكب ضد الأفراد والمجموعات والشركات بهدف الأذيّة وإلحاق الضرر المادي أو المعنوي من خلال إستخدام شبكات إتصال الإنترنت، وهي تهدّد أمن وسلامة المواطنين، وتزيد مظاهرها في بلداننا العربية على مستوى الإباحيّة والتحرّش بالأطفال والقاصرين وإنتهاك خصوصيّة الآخرين وتبييض الأموال ولعب الميسر الإفتراضي وتجارة المخدرات. ولعلَّ الإقبال على العُملات الرقمية المشفرة في الآونة الأخيرة أيضاً، يحمل في طيّاته فعلاً جرمياً عندما يلجأُ البعض الى غسيل أموالهم غير الشرعية وممارسة التجارة غير القانونية لبعض السلع مثل الأسلحة والمخدرات، إضافة الى تمويل الجماعات الإرهابيّة. تتشابه الجريمة الرقمية – الإلكترونية مع الجريمة العاديّة – التقليدية في عناصرها من حيث توافر “الجاني” والضحية والفعل الجرمي، لكنها تختلف عنها بإختلاف البيئة والوسائل المستخدمة، فالجريمة الرقمية مسرحها فضائي والمجرم يكون بعيداً عن مكان الحدث، والوسيلة المستخدمة هي التكنولوجيا ووسائل الإتّصال الحديثة والشبكات المعلوماتية. بإختصار، نقول إنَّ الجريمة الرقمية – الألكترونية هي فعل سلبي يتسبَّب بضررٍ كبير للأفراد والجماعات والمؤسسات، من خلال إبتزاز الضحية على الشبكة العنكبوتية بهدف تحقيق مكاسب مادية أو خدمةً لأهداف سياسية، ويحصل أن تتم سرقة وإستخدام المعلومات من أجل التسبّب بأذى نفسيّ وماديّ، أو إفشاء أسرار أمنية عامة تخصّ مؤسسات الدولة أو بيانات وحسابات خاصّة بالبنوك والأشخاص. جميع الحقوق محفوظة لمكتب المحامي روجيه نافذ يونس للدراسات والإستشارات القانونية © 2023 المصدر : الملفات