جنود إبليس.. حِنكة و”إبداع” في التهريب
خاص – موقع الملفات الحِنكة، نِعمة في طيِّ نقمة، يستخدمها البعض لخدمة الوطن وأبناءه، بينما يميل بها آخرون عن الخير فيوظّفوها لأعمال وضيعة بغية تحقيق مآربهم. وبين هذا وذاك يوجد من يقف سدًا منيعًا أمام من تسول له نفسه محاولة استثمار دهاءه للفتك بالآخرين. ذلك النوع الثاني، مثلّته عصابات تهريب المخدرات، حيث دأبت طوال السنوات الأخيرة على تطوير أساليبها التي تعود عليها بأرباح خيالية وتحقق أحلامهم في الثراء غير المشروع. ففي هذه العصابات، المهرّب وبإعتراف المعنيين، ذكي جداً ولا تنقصه الحنكة، كي يفلت من يد الأمنيين، لو لم يقفوا له بالمرصاد. وفي ظل ما يُحكى في الأوساط والمجالس الخاصة عن “إبداع” في التهريب، ينُسج حوله روايات وأفلام، قرر موقع “الملفات”، نشر سلسلة تحقيقات تتناول وسائل التهريب الابتكارية والطرق التي يبتدعها هؤلاء بشكل مستمر بنية اطلاع الرأي العام على العمليات التي كانت تنفذ في كلّ مرة بطريقة أغرب من تلك التي سبقتها. ومن بين إبداعات المهرّبين العديدة، كانت عملية “البرتقال” الأبرز والأكثر لفتًا للنظر، والتي سنتطرق إلى تفاصيلها في هذه السطور أدناه. بدأت القصة بشكوك، مرورا بإخباريات ومعطيات متقاطعة كانت بمثابة أول الخيوط للإيقاع بهم، وانتهت باكتشاف إحدى أكبر عمليات تهريب الكبتاغون وذلك قبل تصديرها إلى دولة خليجية، مع العلم أن التهريب عبر البرتقال كان لأول مرة يستخدم في لبنان. 4 حاويات تحتوي كل منها حوالي الـ 4 الآف قفص برتقال من الحجم المتوسط، في كل قفص يوجد ما يُقارب الـ 6 كيلوغرام من البرتقال، وفي عملية حسابية صغيرة يتبين أنه في الحاوية الواحدة هنالك ما يقارب الـ 80 قفص مليئة بالمخدرات التي وضبطت داخل الحبات المزيّفة. البرتقال المزيّف مصنوع من عجين صلصال أو ما يعرف بعجين اللعب، تم اخفاء بداخلها المخدرات وتحديدًا مادة الكبتاغون بهدف تهريبها إلى الخارج عبر مرفأ بيروت. هذه البرتقالات وزعت على أقفاص البرتقال الحقيقية وتم وضعها في وسط كل قفص بشكل يصعب تفريقها عن الأخرى أو حتى كشفها. 2% من الشحنة تقريبًا نسبة المخدرات، أي حوالي المليونين حبة كبتاغون لكل حاوية، تم وضعها داخل الحبات المزيّفة بواسطة واقي ذكري لعزل المواد عن العجينة وعدم اصابتها بأي ضرر أو تلف. في هذه العملية التي تحتاج حوالي الشهرين لتجهيز البضاعة التي قدرت حينها بـ 9 مليون حبة كبتاغون، تم توقيف عدة أشخاص يصل عددهم إلى حوالي الـ15، معظمهم من الجنسية السورية، سكان شمال لبنان، بينما الرأس المدبر، لبناني الجنسية، ومن البقاع لا يزال حرًا طليقًا. هذه الشحنة تساوي عشرات ملايين الدولارت في حال تم تصديرها للخارج، أما في لبنان في حال تم بيعها محليًا تعد الأرباح أقل بكثير، لتدني قيمة مبيع الكبتاغون مقارنة بالأصناف الأخرى. وبالتالي إحباط عملية كهذه على يد مكتب مكافحة المخدرات وتبييض الأموال في الجمارك اللبنانية يعد خسارة موجعة لجيبوب هذه العصابة، على أمل أن تكون الضربة الأكبر والقاضية يومًا ما لمحرك الدمى نفسه لا الماريونيت. اذاً، شئنا أم أبينا، حِنكة البعض من “جنود إبليس” يُشهد لها، ولو استخدموها لفعل الخير لكانت البلاد بالنعيم، إلا أن الخير كما يعلم الجاهل قبل العالم لا يدر عليهم الملايين، لذا فضّلوا ان يوظّفوا دهائهم لأعمال تهريبية بغية تحقيق مآربهم. المصدر : موقع الملفات