December 22, 2024

وسائل احتياطية لمكافحة الأصوات

 الأصوات المزعجة والمضرة من ضجيج وإقلاق راحة  (Bruit intense et insupportable)  من الطبيعي أن يكون الصوت أو الضجيج في كل مكان، ولكنه يختلف من مكان إلى آخر وحسب درجات قوته يكون الصوت هادئا وخفيفاً Bruit léger  أو يمكن أن يتحول إلى ضوضاء  Vacarme ، ومن المعلوم أن الصوت يخيفنا ولا ننسى بالمقابل أن السكوت يقلقنا، وقال العالم باسكال: ” أن السكوت  الأزلي لهذه المسافات اللانهائية تخيفه “. من هنا، لا وجود لقانون صريح ضد الصوت لان الصوت هو من متطلبات حياة الانسان كما أن السكوت والهدوء هما من المستلزمات، بل يجب إیجاد قانون وأحكام ضد الأصوات المزعجة. في عصرنا الحديث، إنتفت فكرة الهدوء العام La tranquilité publique  وإن أكثر من نصف سكان الأرض يتضايقون من الأصوات وفقا لتحقيقات أجريت في العديد من الدول. من هنا نشأت في الدول الأوروبية وخاصة في فرنسا جمعيات لمكافحة الأصوات، وقامت بتشجيع السلطة العامة لخلق وسائل إحتياطية لمكافحة الأصوات ولحماية المواطنين من مضارها. التأثير من الناحية التقنية  Du point de Vue technique يجب بحث مدى تأثير الأصوات على الإنسان وعلى صحته، بغية تحميل المسؤولية الناجمة عن المضار بحق المصدر الذي تسبب بها. يقول البروفسور جان لامارك Jean   Lamarque   – أستاذ محاضر في جامعة الحقوق في بوردو  Bordeaux : ” إن الضجيج هو مجموعة من أصوات ذات الصفات الرئيسية التالية: قوة الصوت، التردات (للأصوات الصافية)، والطيف( للأصوات المركبة )، وإن قوة الصوت أو الضجيج تقاس بالديسبيل « Decibels-dB ». الديسبيل dB هي وحدة لوغاريتمية « Unité Logarithmique » تقاس بها ماديا الأصوات المتعلقة من أدنى الترددات الصغرى التي تسمعها الأذن الطبيعية وتقاس ضغط الأذن  « Pression accoustique »  بالحرف (A).  ومن المعلوم أنّ هذا القياس يستعين به الخبراء المهندسين المكلفين من قبل المحاكم لوضع تقريرهم، والمتخصصين في عالم الصوت الذي يقاس بآلات خاصة أهمها آلة تسمى Sonomètre بعد دراسة مدى قوة الأصوات والضجيج الناتجة من المصدر المشكو منه، بغية تحديد مدى و كمية تأثير الإزعاج غير المألوف والأذى على المدعي الذي تقدم بدعواه بشكل عام، ولمعرفة مدى تأثيره على صحته بشكل خاص لأجل إصدار الحكم إما بإزالة المصدر من أساسه أو عدم إزالته، بالإضافة الى التعويضات الشخصية والعطل والضرر المادي والمعنوي، إن الضجيج المؤذي « Bruit notif » مرتبط بمدى الترددات والذبذبات؛ فإن الأصوات الرفيعة « Sons aigus » هي مؤذية أكثر من الأصوات الضخمة « Sons graves »، بينما الصوت الصافي « Son pur » هو أخطر للأذن من الصوت المركب « Bruit complexe ».  وإن الضرر الناتج عن الضجيج يقدر أيضا بالمدة  Durée : فإن الصوت ذات ترددات مقبولة يصبح مؤذياً إذا تخطى مهلة عدة ساعات في اليوم. كما يقدر الضجيج أيضا وفقا للتكرار : الصوت المتكرر « Bruit continu » يؤذي أكثر من الصوت المتقطع » « Bruit discontinu والأهم في التقدير هو قوة الضجيج  Intensite  ، فإن الجار الذي يتضرر من جاره نتيجة الضجيج والأصوات المزعجة، عليه أن يؤكد بأية وسيلة كانت من الإثباتات والقرائن مدى قوة هذا الصوت الضار ومدته وإستمراره في الزمان وماهية تردداته وزبزباته، بغية التوصل الى إثبات أن الإزعاج الناتج عن المصدر المعين قد تخطى الحد المألوف وإن الأخير قد تمادى في إستعمال حقه وصولاً أحيانا إلى إثبات الأذى لكامل الجوار بشكل عام. من البديهي القول أن الازعاج البسيط الناتج من الضجيج المتكرر يمكن تحريك المسؤولية بحق المصدر المزعج، ناهيك، إذا كان هذا الإزعاج يؤدي الى الأذى والتعرض لصحة الجار جسديا. إن آلة Sonomètre يمكن إعتمادها كنقطة إنطلاق للخبراء المعينين من قبل المحاكم، بعد قياس قوة الأصوات، ولتحديد نوعية الازعاجات من مزعجة أو مضرّة أم خطرة أو مؤلمة… إلخ إن الأصوات المزعجة تنتج عنها عوامل نفسية وفيزيولوجية لدى الجار، منها: التعب العصبي والاضطراب في الانفعالات العضلية وتؤدي أحيانا الى ردات فعل نفسية عنيفة وعدم إستقرار الإنسان أحياناً.  كما أنها تؤدي في المدى الطويل الى الأذى في الأذن والسمع، وعلى الجهاز التنفسي عند الانسان، ومشاكل في عضلات القلب والفيزيولوجيا لجهاز الهضم من هنا لا بد أن نتطرق أيضا في المقال المقبل الى الناحية الطبية الصرف. المصدر : الملفات – جميع الحقوق محفوظة لمكتب المحامي روجيه نافذ يونس للدراسات والإستشارات القانونية © 2023