الأبنية المتصدّعة.. كارثة مرتقبة
خاص الملفات – جويل خضرا من جديد عادت قضية الأبنية المتصدّعة والمهدّدة بالسقوط في لبنان إلى الواجهة، وسط تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وانهيار مؤسسات الدولة. هذه الظاهرة أسبابها قديمة وجديدة في آن معاً، بسبب غياب الدولة عن معالجة المشكلات المتراكمة منذ عقود، إضافة إلى الأسباب التقنية في البناء والتي تفاقمت مع مرور الزمن إلى أن جاء انفجار 4 آب وهزّ آخر حجر متصدّع. وفي إطار البحث عن آخر المستجدات في هذا الملف الذي له تأثير كبير على السلامة العامة، إضافة إلى ما يتعلق بجمالية الأبنية القديمة والتي تُعتبر تراث لبناني لا يجب التفريط فيه، يقول المحامي راغب جورج حدّاد، عضو في مجلس بلدية بيروت، في حديث لموقع “الملفات”، إنه بعد انفجار ٤ آب، تم الكشف على الأبنية التي تضرّرت ضمن نطاق جغرافي معيّن وفقاً للمسح الذي قام به الجيش اللبناني، وتمّ ترميم الأبنية المتصدّعة من قبل الجمعيات المختصّة ومجموعة تابعة لنقابة المهندسين ونقابة المقاولين، مشيراً إلى أنّ إدارة بلدية بيروت تمتلك مسحاً شاملاً للأبنية. وأوضح حداد أن “هناك الكثير من الأبنية المتصدّعة يلزمها ترميم لأنها قديمة، وقد وجّهت البلدية إنذارات في هذا الخصوص ودققتها”، مؤكداً “أنّ البلدية، وفقاً للقانون، لها حقّ أن تفرض على المالك ترميم الأبنية على نفقته الخاصة، ولكن في بعض الأحيان، تكون تكلفة الترميم باهظة والبلدية لا قدرة لها لتغطيتها”. وأضاف: ” هناك آلية معقّدة أيضاً، فكل مبنى يحتاج إلى مناقصة، ومن ثم يتم وضع إشارة على صحيفة العقار التابع للمبنى، لذلك ترسل البلدية إنذاراً للمالك للقيام بأعمال الترميم، وهنا تقع إشكالية أخرى، إذ إنّ غالبية المباني قديمة وقيمة إيجاراتها زهيدة، فيرفض المالك في هذه الحالة المباشرة بالترميم”. أمّا بالنسبة للمباني المهدّدة فعلياً بالسقوط، لفت حداد إلى أنها معدودة ومن ضمنها عقارين يقعان في منطقة زقاق البلاط، كاشفاً أنه تمّ إرسال كتب من قبل إدارة بلدية بيروت لأصحاب العلاقة، وزير الداخلية وقيادة الشرطة لإخلاء هذه الأبنية، إلّا أن سكانها رفضوا الإخلاء، محمّلاً المسؤولية للمعنيين الذين “من واجبهم أن يفرضوا على السكان عملية الإخلاء من جهة، وعلى صندوق الإغاثة أن يجد مكان إيواء للسكان بعد عملية إخلائهم من جهة أخرى، إذ لا إمكانية مادية لبلدية بيروت للقيام بهذه المهمة، وإن تمّت ستكون مدة الإيواء حوالي شهر أو شهرين فقط، وهذا الوقت غير كافٍ للانتهاء من عملية الترميم”. كما أوضح أنّ من صلاحيات السلطة التنفيذية في بلدية بيروت الممثّلة بالمحافظ والإدارة، توجيه إنذار إلى صاحب العقار “استناداً للمادة ٧٤ من قانون البلديات التي تنصّ على أنه من اختصاص رئيس السلطة التنفيذية اتخاذ كافة التدابير المتعلّقة بالأبنية المهدّدة بالسقوط وهدمها وإصلاحها على نفقة أصحابها أي المالك”، واستناداً لقانون البناء رقم ٦٤٦ من المادة ١٨ فقرة ١٠ التي تنصّ على أنه “عندما يكون بناء أو جدران أو خلافه ينذر بالانهيار ويشكّل بقاؤه خطراً ما ولا يبادر المالك إلى القيام بواجباته إما لأنه لا يستطيع إجراء أعمال التقوية اللازمة أو لأنه يمتنع عن ذلك، يقتضي هدمه خلال مهلة لا تقلّ عن خمسة عشر يوماً ولا تزيد عن الشهرين ويمكن للبلدية المعنية إخلاء البناء عن شاغليه”. وتبع: “إذا تعذّر إبلاغ المالك، أو إذا تمنّع عن استلام إنذار الهدم يجب تنظيم محضر بالواقع من قبل موظفي البلدية أو المختار حيث لا يوجد بلدية. وفي هذه الحالة تُلصق نسخة من إنذار الهدم على البناء المطلوب هدمه ونسخة أخرى على باب مركز البلدية أو على باب مركز المحافظة أو القائمقامية خارج النطاق البلدي. تبدأ مهلة الهدم اعتباراً من تاريخ تبليغ إنذار الهدم أو إلصاقه. إذا انقضت المهلة ولم ينفّذ المالك أوامر الإدارة، تباشر البلدية بتنفيذ الهدم على نفقته، ويمكن للبلدية أن تبيع الأنقاض المتأتية من الهدم استيفاء للنفقات. وفي حال وجود ضرورة قصوى لهدم أحد الأبنية بناء لتقرير الدوائر الفنية الذي يجب أن يُبنى على تقرير مهندس خبير محلّف، فإن مهلة الإنذار يمكن إنقاصها إلى يوم واحد، وحينئذ يقتضي ذكر أحكام هذه الفقرة في إنذار الهدم”. إنّ مشكلة الأبنية المهدّدة بالسقوط، تُعتبر قنبلة موقوتة لما تشكّله من خطورة على السلامة العامة، إذا استمرة السلطات المعنية بتجاهلها والتقاعس عن إيجاد الحلول اللازمة والعلمية والفورية، والتي تحفظ حقوق المواطنين قبل أن تقع الكارثة بسبب عوامل مفاجئة لم تكن في الحسبان. المصدر : خاص الملفات