الحرب على الأبواب والدولار يتحضّر للطيران.. هل تنهار الليرة أكثر؟
منذ العام 2019 ومع بدء التحرّكات الشعبية وما رافقها من أزمات متتالية، انهارت الليرة اللبنانية، وبات سعر صرف الدولار يتأرجح صعوداً ونزولاً. لكن منذ أكثر من سنة، أي عند رحيل حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، واستلام نائبه وسيم منصوري، والمركزي متمكّن حتى اليوم من السيطرة على سعر الصرف، بعدما استطاع خفض الكتلة النقدية في السوق، وجمع الدولار في احتياطه، الأمر الذي خلق نوعاً من التوازن المالي والنقدي. وبالرغم من اشتعال الجبهة الجنوبية بعد عملية طوفان الأقصى، والاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، إلا أنّ سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار لم يتغيّر وبقي ثابتاً. أما اليوم ومع تعاظم حدّة التوتّر والتوقّعات بانفلات الأمور، فإن الأنظار متّجهة إلى الساعات والأيام المقبلة لرد حزب الله على “إسرائيل”، وما إذا كان لبنان سيدخل في حرب شاملة أم لا؟ وهنا يمكن طرح الإشكالية حول قيمة الدولار وما سيحلّ بها، لاسيما وأن الحرب تترك أثراً عميقاً على الحركة الاقتصادية، وعندها هل سيبقى المصرف المركزي قادراً على ضبط الليرة؟ في حديث لموقع “الملفات”، أشار الخبير المالي والاقتصادي الدكتور بلال علامة إلى أن سبب الاستقرار النقدي حتى الآن يعود لكون “كل نفقات الدولة وإيراداتها بدأت تصبح بالدولار، ولم يعد هناك حاجة لليرة اللبنانية، فانخفض استعمال السيولة عبرها، وبالتالي استطاع المركزي التحكّم بسعر الدولار وضبطه عند سعر محدّد”، موضحاً أنه “رغم حالة الحرب التي يعيشها البلد، إلّا أن الضغط على سعر الصرف بسيط جداً لشبه غياب الحاجة لتحويل الليرة إلى دولار”. ولفت إلى أن “عملية ضبط السعر هي عملية مصطنعة وليست طبيعية لأن سعره أعلى بكثير من السوق، فإذا حرّر سعر الدولار سيكون بين 40 و50 ألف ليرة، فيما التسعين ألف هي “دوبل”القيمة الحقيقية”. وفيما يتعلّق بتأثيرات الحرب الموسّعة على الاستقرار النقدي، لفت علامة إلى أنه “في حال توسّعت الحرب وكبرت الخسائر، فمن الطبيعي أن يزيد الضغط على الدولار ويبدأ سعره بالارتفاع، لأن حجم الخسائر يغطّي الفارق بالسعر، وتصبح الدولة بحاجة إلى إنفاق، لذلك من المتوقّع أن يرتفع سعر الدولار أمام الليرة من دون سقف، لكن هذا يبقى مرتبطاً بالمساعدات التي قد يتلقّاها لبنان”. وفي السياق، شرح علامة تأثيرات تداعيات مرحلة ما بعد الحرب، قائلاً إنه “إذا كانت عملية الإعمار ستأتي بالأموال من الخارج فهي لن تؤدّي إلى ارتفاع سعر الصرف، أما إذا كان الإنفاق سيتم من قبل الدولة، فإن الأمر خطير للغاية لأن الدولة غير قادرة عملياً على هذا الإنفاق، وهي في هذه الحالة إمّا ستلجأ للاستدانة من الخارج، أو ستقوم بطباعة العملة الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى ارتفاع سعر الصرف”، منبّهاً من أن “الهامش لدى مصرف لبنان لضبط الأمور ليس عالياً، ويمكن أن يصمد شهر أو شهرين ولكن ليس أكثر من ذلك، لكن إذا طالت الأمور وكبرت الخسائر، فإن المركزي وسيناريوهاته والاتفاقات السياسية التي عقدها، ستسقط أمام الواقع الذي سيفرض نفسه”. وفي الإطار، أكد علامة أن “الحرب الموسّعة ستكون كارثة على الوضع الاقتصادي والخسائر ستكون كبيرة جداً، وقد تأخذنا إلى تراكم عجز في الدولة سيستمر لسنوات، فحتى الآن خسائر لبنان نتيجة الحرب تبلغ حوالي 4 مليار دولار وتطال كل القطاعات”، لافتاً إلى أن “تراكم هذه الخسائر يزيد عندما تقوم الدولة بإعفاء أهالي القرى المدمّرة من الضرائب والرسوم والأمور الأخرى التي كانت تجني منها الإيرادات، ما يعني تراجعها وتراجع المداخيل والتدفقات المالية بالدولار، وقد يكون هناك شح بالدولار، وبالتالي تفلّت وارتفاع في سعره”. المصدر : خاص – موقع “الملفات “