September 24, 2024

تخويف وتهديد فقتل.. بلحظة غضب أم مخطط؟

العنف الأسري – الجزء 2 أسباب وآثار  العنف الأسري هو العنف القائم على أساس النوع الإجتماعي أو الجنس وهو يشمل الأعمال التي تلحق ضرراً أو ألماً  جسدياً أو عقلياً أو نفسياً أو جنسياً والتهديد بهذه الأعمال والإكراه وسائر أشكال الحرمان من الحرية والسلامة  الجسدية، هو سلوك وممارسة متكررة تتخذ أشكالاً بسيطة في البداية مثل التخويف او التهديد وصولا الى حد القتل. العنف الأسري ضد المرأة هو أشد أشكال العنف إنتشاراً في كافة المجتمعات وتركز النظريات النفسية لهذا العنف على السمات الشخصية للجاني كالغضب المفاحىء، عدم السيطرة على الانفعالات وضعف إحترام الذات والخصائص العقلية التي ترسخها عادة الأعراف والتقاليد وهي تتمثل بالعنف الجسدي، النفسي، الإقتصادي، الجنسي، اللفظي، القانوني والفكري وأن هذه الأشكال من العنف تعرض صحة المرأة للخطر وتضعف قدرتها على المشاركة في الحياة الإجتماعية والأسرية. العنف الأسري شائع في كافة المجتمعات ولدى كافة الطبقات الاجتماعية ويتخطى الحدود الجغرافية والطائفية ويتخطى أيضا الضغوط النفسية والاقتصادية التي يتعرض لها الرجل فهو إختيار شخصي لا ترتبط نتيجته فقط بالضغط أو الإضطراب النفسي أو الإقتصادي أو أنه ناجم عن لحظة غضب فحسب بل يمكن أن يكون أيضاً مخططاً له إذ أن هذا السلوك العنيف لا يظهر من الرجل تجاه زملائه أو رؤسائه في العمل مسبقاً وهناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤثر على إختيار السلوك العنيف لدى الفرد منها: 1- أسباب شخصية، هي الأسباب المتعلقة بشخصية الفرد والصفات التي يكتسبها من البيئة التي نشأ فيها ومن تجاربه الخاصة ويكون لها تأثير على إختياره للسلوك العنيف، كالزواج المبكر، تعرض أحد الزوجين أو كليهما للإساءة في طفولته، الأمراض العقلية والنفسية الإكتئاب والإضطرابات الشخصية، الإدمان على الكحول والمخدرات أو الأنانية وحب التسلط وغيرها. 2- أسباب متعلقة بالعلاقة مع الشريك كوجود صعوبة مادية، رغبة الرجل بالسيطرة المطلقة داخل المنزل، حجم العائلة الكبير في منازل صغيرة، العزلة الاجتماعية وغيرها. 3- أسباب متعلقة بالبيئة الإجتماعية المحيطة التي ترتكز على الثقافة التمييزية بين الرجل والمرأة والمتوارثة عبر الاجيال عن طريق العادات والتقاليد والقصص والأساطير التي تبيح ضرب النساء من اجل إبقاء المرأة في موقع التبعية والخضوع وهذا يزيد من إحتمال اللجوء الى العنف خاصة في حال إعتبار النساء مسؤولات عن شرف العائلة. 4- أسباب متعلقة بالسياسات الإقتصادية والثقافية والقانونية، التي تندرج في إطار غياب السياسات المعتمدة من قبل الدولة للحد من العنف وغياب القوانين التي تحرّمه وبالتالي عدم وجود عقوبات رادعة لمرتكبي هذا العنف بالإضافة الى غياب الدعم من قبل النظام القضائي والشرطة ووجود بعض المعتقدات الدينية السائدة في المحاكم والمؤسسات القضائية المختلفة. 5- أسباب مجتمعية، كحب التسلط، الأميّة، زيادة معدل الجرائم، تقبل العنف ضمن إطار المجتمع. أنواع العنف الأسري. إن جميع أنواع العنف الأسري لها هدف واحد وهو كسب السيطرة على الضحية والحفاظ عليها، يستخدم المعتدون أساليب كثيرة لممارسة قوتهم على الأسرة كالسيطرة والإذلال والعزل والتهديد والتخويف الحرمان، واللوم وهذه الأساليب من العنف ترتكب بأشكال مختلفة وتندرج ضمن عدة أنواع وهي: – العنف الجسدي المباشر أو الظاهر: العنف الجسدي هو عنف يتضمن إحتكاك بهدف إلى التسبب في الشعور بالخوف والألم والمعاناة الجسدية أو الأذى الجسدي، يشمل العنف الجسدي الضرب، الصفع، اللكم، الخنق، الدفع، الحرق، والشروع في إرتكاب مثل هذه الأفعال وغيرها من أنواع الإحتكاك التي تؤدي إلى الإصابة الجسدية للضحية، ويمكن أن يشمل العنف الجسدي السلوكيات أيضاً مثل حرمان الضحية من الرعاية الطبية عند الحاجة وحرمان الضحية من النوم أو من وظائف أخرى ضرورية للعيش أو إجبار الضحية على الإنخراط في إستخدام المخدرات والكحول ضد إرادتها وكثيراً ما تؤدي نتيجتها للأضرار الجسدية . – العنف الجنسي: العنف الجنسي هو أي وضع يتم فيه إستخدام القوة أو التهديد من أجل الحصول على مشاركة في نشاط جنسي غير مرغوب وإجبار الشخص على الإنخراط في ممارسة الجنس رغماً عنه، أو إجبارها على الحمل أو مشاهدة أفلام إباحية وخلاعية، حتى لو كان هذا الشخص هو الزوج أو الشريك الحميم الذي سبق أن مارس الجنس معه بالتراضي. – العنف الاقتصادي: يتمثل هذا النوع من العنف بأوجه عديدة تذكر منها الحرمان من التعليم والصحة والغذاء وتشغيل الاطفال في أعمال لا تتناسب ونموهم وقدراتهم والإستيلاء على مال الزوجة وإجبارها على العمل أو منعها منه عدم إعطائها المال لتأمين مصروف العائلة رغم توفره، رفض تغطية حاجياتها الخاصة كالأدوية والملابس، ويقوم الجاني في هذا النوع من العنف جهد كبير لفصل الضحية وعزلها وعدم السماح لها بالتواصل مع عائلتها وأصدقائها وإبعادها عن كل مصدر قوة وبالتالي التسبب لها بالعزلة واليأس والإحباط حتى يصور لهم إستحالة الهرب من وضعهم الحالي بسبب الإكتئاب الذي يعانون منه وذلك يزيد من إحتمالية تعرضهم للإنتحار والإضراب عن الطعام والإدمان على المخدرات والكحول . – العنف العاطفي والفكري: يشمل هذا النوع من العنف الإعتداء على الضحية وإذلالها إما سراً أو علناً، التحكم بالممارسات التي يمكن أو لا يمكن للضحية القيام بها، إخفاء بعض الحقائق عن الضحية، تعمد إحراجها أو الإنتقاص من قيمتها، عزل الضحية إجتماعياً وإبتزاز الضحية بإيذاء الآخرين من حولها، فهذا العنف يتضمن أيضا أي إساءة لفظية يمكن أن تحمل خلالها تهديدًا للضحية، أو إخافتها، أو التقليل من قيمتها أو ثقتها بذاتها أو تقييد حريتها، من صور العنف العاطفي أيضا أن يتم تهديد الضحية مع إيذائها جسديا، تهديدها بالقتل في حال فكرت بأن تتخلى عن علاقتها به أو بتوجيه الشتائم والعبارات النابية الى الضحية وهذا ما يسمى العنف اللغوي العاطفي. وغالبًا أيضاً ما يقوم الجاني بإستخدام الأطفال للتمادي في العنف العاطفي على الضحية وذلك بتلقين الأطفال بعض العبارات القاسية لترديدها على مسامع الضحية، وهنا تكون الضحية مزدوجة نتيجة العنف المرتكب على الزوجة والأطفال.

عنف وموت محتّم.. وأنتِ الضحية!

العنف الأسري  يُعَدّ العنف ضدّ المرأة من أسوأ إنتهاكات حقوق الإنسان، إذ إن الآثار النفسية والجسدية التي يخلّفها قد تحدّ من طاقة النساء وطموحهنّ وقد تعرّضهنّ إلى موت محتّم أحياناً. في لبنان كذلك، ما زالت النساء يتعرّضنَ إلى العنف بمختلف الطرق، وعندما تُغلق أبواب البيوت ليلاً، قد تتحوّل أيّ امرأة إلى ضحية في ظلّ غياب الحماية اللازمة والقوانين الرادعة الفاعلة والأهمّ الأعراف والتقاليد. وبحسب التقرير السنوي لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” حول الموضوع، فإنّ “النساء والأطفال ما زالوا يواجهون التمييز في ظلّ قوانين طائفية للأحوال الشخصية، وما زال زواج الأطفال والاغتصاب الزوجي مُشرَّعَين”، وأضاف أنّ “السلطات اللبنانية لم تفِ بإلتزاماتها بحماية النساء والفتيات من العنف وبإنهاء التمييز ضدّهنّ”، الأمر الذي يُعَدّ مؤشّراً إلى مزيد من الضحايا. بتاريخ 7/5/2014 صدر قانون حَمَل الرقم 293 موضوعه ” حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري ” وقد رَمى هذا القانون الى تأمين الحماية لأفراد الأسرة من العُنف الذي قد يُمارس داخلها. يشتمل القانون، على عناصر إيجابية مثل النَص الذي يُتيح للسيدة الحصول على أمر حماية من الشخص المسيئ، كما يدعو إلى إنشاء ملاجئ مؤقتة للناجين من الإساءة، وتخصيص نائب عام في كل محافظة لتلقي الشكاوى والتحقيق في حالات العنف الأسري، وإنشاء وحدات مختصة بالعنف الأسري في قوى الأمن الداخلي للتعامل مع الشكاوى، ينقسم هذا القانون الى قسمين: – قسم عقابي: يشدّد العقوبات على بعض الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات اللبناني في حال إرتُكبت بين أفراد الأسرة، ويجرّم العنف المعنوي و الاقتصادي. – قسم حمائي: يشمل أمر الحماية الذي بإمكان الضحيّة طلبه بهدف إبعاد المُعنف عنها وعن أطفالها عبر إبعاده عن المنزل، أو نقلها مع أطفالها إلى مكان آمن. وتجدر الإشارة إلى أخطاء شائعة لدى التحدّث عن العنف الأسري، وتحديداً قانون رقم 293 المعدل بالقانون رقم 204، مثل حصره بالعنف الممارَس من الزوج على زوجته فيما المذكور في القانون هو العنف الواقع بين جميع أفراد الأسرة، على سبيل المثال، العنف الممارَس من الأب على الأولاد الراشدين – بما أنّ القاصرين يشملهم قانون خاصّ (رقم 422) أو العكس، أي من الأولاد الراشدين على الأب أو الأم، أو العنف بين الأخوة، والأولاد بالتبنّي أو التكفّل، كما ويشمل أيّ شخص يتعرّض للعنف من قبل من له حق الولاية أو الوصاية عليه بالإضافة إلى أنه بعد التعديل أصبح يشمل العنف الممارس من الزوج السابق ( الطليق)، إنّ هذا القانون لا يُجرّم فعل إكراه الزوجة على الجماع أو الإغتصاب الزوجي بحد ذاته، إنّما الضرب والإيذاء والتهديد الذي يلجأ إليه الزوج. ولكي يُعاقب المعنِّف، يجب أن تتقدّم المعنفة بشكوى قضائية، وإن إسقاط الشكوى يوقف ملاحقة المعنِف. لَعٍب القضاء اللبناني دورًا رياديًا أدى إلى إستكمال أحكام القانون وإلى تصحيح أبرز الشوائب الواردة فيه، وفي مقدمها تعريف العنف الذي يشمله القانون. فهذا العنف لا يقتصر على حالات العنف التي خصها القانون بالذكر في مادته الثانية بل يشمل حالات أخرى لم يذكر القانون أيًا منها، أهمها حالات العنف المعنوي، ككيل الشتائم والتحقير، والاستيلاء على الأوراق الثبوتية والهاتف الخلوي ومنع الخروج من المنزل…إلخ ومن هذه الزاوية، جاءت القرارات القضائية تقلب تعريف العنف رأسًا على عقب، بحيث أصبحت بمثابة رسالة مطمئنة إلى الهيئات النسائية والنساء والرأي العام بشأن قدرة القضاء على الإستجابة لعدد كبير من التحفظات أو المخاوف إزاء مدى فاعلية هذا القانون في حماية المرأة. وهي رسالة تلتقي في عمقها مع الرسائل التي كان قضاة وجّهوها قبل صدور القانون من خلال إعلان سلسلة من المبادئ، كمبدأ سلامة الانسان فوق كل اعتبار، أو المواقف كإعلان التمسك بحماية النساء من العنف المعنوي، أو واجب القضاء بالاجتهاد لتأمين حماية فعلية في هذا المجال.