September 24, 2024

سلاح يؤرق اللبنانيين.. التفاصيل الكاملة!

خاص موقع الملفات لعنة الفلتان الأمنيّ تُطارد اللبنانيين جميعاً مع دخول البلاد في نفقٍ مجهول، لا يعلم مآله إلا الله. يأتي هذا في وقت يشهد لبنان، الانهيار الاقتصادي الأسوأ والأكثر تعقيداً في تاريخ العالم كما صنّفه البنك الدولي، ويعيش استقراراً هشًّا، وأمنًا مهزوزاً لم يشهده من قبل، لاسيما مع تحوّل شوارعه إلى مسارح لارتكاب الجرائم بشتّى أنواعها وأشكالها، وسط سلوكيات مجتمعية عنفيّة غير مسبوقة قد تخلق شلالات من الدماء كونها لا تحتكِم إلا لثقافة ولغة السلاح. الواقع على الأرض يُؤكد أن أرواح الناس ليست إلّا رهينة للسلاح المتفلّت والمنشتر بشكل لافت، بشهادة القاصي والداني. فكلّما شهد الوضع توتراً وأصبح يُنذر بموجات فلتان، كلّما ازداد الحرص على اقتناء السلاح، لاسيما أن السوق السوداء تُوفّر كل أنواع الأسلحة لطالبيها، وهم نوعان: من يشتري سلاحًا بسعر يتراوح سعره بين ألفين وأربعة آلاف دولار مثلاً (كلفته الحقيقية لا تتعدّى الـ400 دولار في أميركا)، ويقتنيه إما للوجاهة أو لتأمين الحماية الذاتية لنفسه ولذويه، ومن يشتري سلاحًا بسعر لا يتعدى ثلاث مئة دولار لممارسة النفوذ والبلطجة كون السلاح يجعل من الجبناء شجعانًا أو أقله هذا ما يتهيّأ لهم. سلاحِ يؤرق اللبنانيين السلاح التركي، ظاهرة كارثية قديمة – جديدة، عادت إلى الواجهة بعدما أغرقت الأسواق اللبنانية بما يزيد عن 5 آلاف مسدس على يد من يرعى تهريبه إلى الداخل. وبالتوازي مع التفلّت الحاصل في شتى الميادين الداخلية، امتهن البعض تجارته منذ أواخر العام 2019 وبيعه إما بالجملة لتجّار أصغر منهم وأقل قوة ونفوذاً أو بالمفرق للزعران والقتلة، الأمر الذي يؤرق اللبنانيين ويروّع الآمنين في مناطقهم. نتحدث هنا عن سلاح “خُلّبي”، مصطلح غريب بعض الشيء وقد يجهله البعض، يُستخدم عالميًا إما للتدريب أو في صناعة السينما والتلفزيون، فتحصل منه على الوميض، الدويّ، الارتداد وعلى انفجار، ولكن ليس هناك رصاصات في نهاية الجولة. أما في لبنان فهو بفضل تجّار السوق السوداء يُستخدم للقتل والسلب والاغتصاب بعد تعديله، بحسب ما يؤكد أحد الخبراء العسكريين لموقع “الملفات”، والذي بدوره يروي حكاية المسدسات تركية الصنع ويكشف خفاياها في هذه السطور أدناه. الأراضي التركية، هي وجهة التاجر. يُسافر بطريقة شرعية عبر المطار ويتّجه إلى محلات البيع، يشتري الكمية المطلوبة متذرّعًا بحجج واهية، ويعاود أدراجه إلى لبنان بعد انتهاء المهمة الأولى، ليأتي دور المهرّب في الطرف الآخر والذي يتقاضى حصّته مقابل تهريب الشحنة وإيصالها إلى الداخل اللبناني. وإذا اردنا الدخول إلى عمق القضيّة وتفاصيلها يتّضح أن تهريب هذا النوع من المسدسات (أبرزها ” retay 2″، و” retay 26″)، يتم عبر الحدود المفتوحة وغير الشرعية مع سوريا وعبرمعابر عدّة، فأبواب التهريب هناك مشرّعة على مصراعيها، فيما الخطورة الحقيقية تكمن في إمكانية تحويلها إلى أسلحة نارية. وبمجرد وصولها إلى لبنان يتم تعديلها في ورش خراطة حديد محترفة وبكلفة بسيطة. ثم تُباع بسعر متدني جدًا مقارنةً بالأسعار الأخرى ويتراوح سعر المسدس الواحد، ما بين 250 – 300 دولار أميركي، مع العلم أن تكلفة شرائه على التجّار اللبنانيين لا تتعدى الـ50 دولار أميركي.   قاتل يا مقتول! عملية تحويل السلاح الخلّبي إلى سلاح ناري يشرحها أحد العاملين في مجال الخراطة، والتي تُعد بحسب أقواله بسيطة نوعاً ما ولكنها خطيرة على حاملِه قبل الآخرين، حيث يقوم هؤلاء بخرط قلب المسدس (السبطانة) داخل محلات الحدادة وتوسيع الفوهة ليصار إلى إطلاق النار منها باستخدام طلقات حية عيار 9 ملم. وقد تشمل عملية التحويل أحياناً استبدال سبطانة المسدس، أي “ماسورته” بالعاميّة، بأخرى تصلح لإطلاق الأعيرة الحيّة. وهنا تكمن الخطورة باستبدال السبطانة بأخرى غير مخروطة بدقة، فإن كان عيار الطلقة أصغر بكثير من قُطر السبطانة ستصطدم بجدار السبطانة بعد انطلاقها لكونها تتحرّك من دون تحديد المسار عبر الأخاديد وتخرج منها محطمةَ المسدس. ويؤكد  الأخير أن استعمال هذا المسدس خطير جدًا، فغالباً ما ينفجر بعد إطلاق عدّة طلقات منه، عازياً ذلك لسببين: الأول كون المعادن المستخدمة في التحويل هي معادن ضعيفة لا تتحمل الطاقة المتولّدة مع إطلاق الرصاصة، والآخر كون بقية أجزاء السلاح أضعف من السبطانة الجديدة، مما يؤدي إلى انفجار الطلقة داخله لحظة إطلاق النار، أو باتجاه المطلق ممّا يعرض حياة مستخدمه ومن حوله إلى الخطر، فإن لم يتحوّل إلى قاتلٍ حتمًا سيُصبح قتيلاً. واللافت هنا، أن معظم المسدسات التركية المتوفّرة في الداخل اللبناني لا تتحمّل الاحتكاك أو الحرارة الخارجة من الطلقة، وبالتالي قد يطلق المسدس طلقتين أو أكثر ولكن مصيره في الخامسة الانفجار رغم تعديل “الماسورة” وتقويتها. ولابد من التنبّه هنا إلى أن المسدسات القابلة للتعديل تحتاج رصاصة عيار 8 أو 8.5 ملم أو أقل، وهي غير متوفّرة في الأسواق أو بنسبة قليلة لدى البعض، كون الجميع يعتمد على عيار 9 ملم، ما يؤكد أن عملية التحويل في منتهى الخطورة.   مخطط بنشر الفوضى هذه التجارة تجني مبالغ طائلة، خصوصاً أن زبائنها من الشباب، من الفئة العمرية  15 سنة وما فوق، أما البيع فيتم بمعظمه في المناطق الفقيرة حيث تفترس الناس بعضها البعض، لاسيما في الأحياء الطرابلسية والبيروتية حيث يتم استثمار الفوضى والفقر لإدخال هذا السلاح. ومع ارتفاع أسعار السلاح الحيّ في السوق السوداء، اتّجه هؤلاء للنوع المذكور أعلاه، والذي يتزايد الطلب عليه يوميًا، لا سيما من قبل من يستخدمه لتنفيذ جرائم قتل وسرقة وأعمال سلب. وبدءًا من الجنوب إلى بيروت وعكار وصولًا إلى البقاع تكاد لا تخلو منطقة لبنانية من تلك الأحداث على اختلافها. مصادر مُتابعة عن كثب لما يجري في الشارع، تعتبر أن انتشاره يعود إلى خلفيات تآمرية ومخططات بنشر الفوضى في المنطقة، وتُطالب الجهات المعنية أيًّا كانت بالتركيز على هذا الموضوع بجدية وأخذه بعين الاعتبار، وملاحقة مورّديه والمخارط التي تعمل على تغيير هوية هذه المسدسات من خلّبية تدريبيّة إلى مسدسات فرديّة.   التسلّح في لبنان أمر مُتوقّع، وليس بالجديد فهو على كل لسان، إلّا أن المقصود هنا ليس السلاح الذي يحمل هوية سياسية فقط، إذ إن الغاية من اقتنائه معروفة كمقتنيه، بل الأسلحة التركية المعدّلة التي تُباع بِأبخس الأثمان لأيدي القتلة والمجرمين والمفسدين والتي تدر لتجارها أرباحًا طائلة، وإذا لم تكن هناك خطة واضحة أقلهُ للملمته والتخفيف من وطأة خطورته، فلنتوقّع عدم العودة إلّا محمولين على الأكتاف. المصدر : خاص موقع الملفات