تجاوزات وتنفيعات في ملف النزوح.. مليون دولار يوميًا!
تسلّمت إحدى الجمعيات العاملة في ملف النزوح في بيروت حصّتها من المراكز التي عليها واجب تأمين وجبات الغداء لها في الأسبوع الثاني لبدء النزوح، فكانت تقديماتها عبارة عن وجبات من الحبوب والمعكرونة، خالية من اللحم والدجاج، وعندما شعر القيمون على المراكز المستفيدة بأن الأمر دائم تواصلوا مع محافظة بيروت التي تواصلت بدورها مع الجمعية التي وعدت بتغيير “المطبخ” الذي تعاقدت معه على اعتبار أن “المطبخ قرر التوفير لزيادة المكاسب.
إنطلاقاً من هذه الواقعة التي لم تكن محصورة بجمعية أو مركز، ومن التقرير الذي أطلقه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في 19 تشرين الثاني الجاري، يمكن الحديث بحسب مصادر عاملة في ملف النزوح عن بعض التجاوزات والتنفيعات التي تواكب اليوم عمل الجمعيات المعنية بتأمين احتياجات النازحين، في شق التغذية بشكل أساسي.
وجبات على الورق
من الجيد الإضاءة هنا على بعض تفاصيل عمل الجمعيات فيما يخص تقديم الوجبات الغذائية، فبحسب معلومات “الملفات”، هناك على الورق 200 ألف وجبة غداء يومياً لكل مراكز الإيواء في لبنان، ومعدل سعر الوجبة الواحدة هو 5 دولارات، أي يتم صرف مليون دولار يومياً على هذه الوجبة، بينما بحسب المصادر فإن أعداد النازحين في المراكز هي أقل من 200 ألف، وهذا ما يؤكده تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الذي يتحدث عن 187 ألف نازح، والعدد أقل من ذلك بحسب المصادر، لأن نسبة من المسجلين لا تتواجد في المراكز بل تسجّلت للحصول على التقديمات فقط، بالإضافة إلى وجود بعض المراكز التي لا تستوفي شروط مركز الإيواء وهي عبارة عن سكن عائلي جماعي، تستفيد من تقديمات المراكز كما من تقديمات المنازل.
مطابخ تعمل فوق طاقتها
إلى جانب أعداد الوجبات المسجلة، والذي يختلف عن عدد الوجبات التي تُوزّع، ينبغي الإضاءة، بحسب المصادر، على جودة الطعام، فالتعاقدات مع المطابخ تمّت من جانب الجمعيات التي حصلت على التفويض والمال من المحافظات، هذه التعاقدات تم توزيعها بحسب المصالح بحيث هناك بعض المطابخ التي تعاقدت على طبخ وتحضير ما يفوق قدرتها التشغيلية، وهذا ما يجعلها تعدّ الوجبات في اليوم السابق ليوم التوزيع، وهو ما يؤدي إلى انخفاض جودة الطعام المطبوخ، خصوصاً عندما يتم الاعتماد على المواد الأولية الرخيصة الثمن من أجل زيادة الأرباح من كل وجبة”.
وتكشف المصادر عبر “الملفات” أن مركز إيواء واحد على الأقل في بيروت، يحصل على وجبات من أحد المطاعم الشهيرة، يُعاني منذ أيام في الجودة بحيث تصل الوجبات غير قابلة للأكل في أحيان كثيرة، مع وجود روائح مزعجة فيها، مشيرة إلى أن السبب هو إما جودة المواد الاولية، وإما سوء التخزين والتوزيع.
أرقام المساعدات لا تعكس الواقع على الأرض
في ملف النزوح أيضاً ووفقاً للتقرير الذي حصل عليه “الملفات” والذي قد رسم الحدود الزمانية له من 23 أيلول الماضي حتى 18 تشرين الثاني الجاري، ونقلاً عن منظمة الهجرة الدولية، هناك في لبنان 886028 نازحاً، 51 بالمئة منهم من الإناث، وأنه قد خرج من لبنان باتّجاه سوريا 540 ألف شخص، لبنانيين وسوريين، أما باتّجاه العراق فقد خرج 35 ألف شخص، كما نقل عن منصة وحدة إدارة مخاطر الكوارث في لبنان وجود 1170 مركز إيواء، من بينها 978 مركزاً استنفذت طاقتها الإستيعابية، وقد وصل عدد المسجلين في المراكز إلى 187 ألف نازح.
فيما يتعلق بداية بالأمن الغذائي فقد تم توزيع 7.9 مليون وجبة غذاء داخل مراكز الإيواء، وهناك 245 ألف مستفيد من حزم الطعام الجاهز، و250 ألف مستفيد من الطرود الغذائية داخل وخارج مراكز الإيواء، وتم توزيع 336 ألف حزمة من الخبز، بينما تلقى 240 ألف شخص خارج مراكز الإيواء مساعدات نقدية للطعام عبر البرنامج الوطني لاستهداف الفقر.
وعلى مستوى التغذية فقد تسلّم 31 ألف شخص حصصاً غذائية، و3 ألاف طفل وامرأة حامل ومرضعة استلموا حصصاً غذائية خاصة، بينما حصل 132 طفلاً رضيعاً على بديل آمن لحليب الأم، و7109 طفلاً وامرأة حامل خضعوا لفحص سوء التغذية الحاد.
أما على صعيد المساعدات الإنسانية فقد تم توزيع 539 ألف مرتبة وبطانية ووسادة وأكياس نوم، وهناك 236 ألف نازح تلقوا مساعدات غير غذائية في مراكز الإيواء، أما على صعيد المياه والصرف الصحي والنظافة الشخصية فقد تم توزيع 42 مليون ليتراً من مياه الشاحنات على مراكز الإيواء، و1.6 مليون ليتراً من المياه المعبأة، كما تم تركيب 498 دشّ طوارىء، و92 مرحاض طوارىء، وتم توزيع 93 ألف حقيبة نظافة عائلية. لا يمكن التعبير عن الأرقام التي نشرها تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية سوى بأنها ضخمة للغاية، تقول المصادر، مشيرة إلى أن عملها في المراكز يجعلها تؤكد أن ليس كل ما نُشر قد وصل إلى النازحين فيها.
وتختم: “لتبسيط المسألة، يتم الاتفاق مع الجهة الفلانية على تسليمها 100 حصة غذائية، وعند التسليم يتضح ولتبريرات كثيرة أن العدد 80، فيتم التوقيع على استلام مئة، والحصول فعلياً على 80، يتولى نقلها سائق شاحنة، يسحب منها 5، ثم تصل إلى المكان المقصود 75، فيستلمها المعنيّ بالتوزيع الذي يسحب 10 لصالحه يوزعها بمعرفته، فيصبح العدد 65، يستفيد العاملون في التوزيع منها، ما يُبقي حوالي النصف للنازحين، وهذا المثال ينطبق على كل التقديمات في كل المحافظات”.
المصدر : خاص موقع “الملفات” – محمد علوش