هل قُرعت طبول الحرب في المنطقة؟
خاص – موقع الملفات
حالةٌ من القلق والتوتر تخيم على الشارع اللبناني، وتتصاعد مخاوف اللبنانيين من نشوب الحرب، لاسيّما أنّ الوضع الجنوبيّ يثيرُ بمناوشاته الرعب والذعر في نفوسهم، ويعيد إلى الأذهان مشاهد حرب تموز الدامية والمدمرة. فمنذ بدء معركة “طوفان الأقصى”، أصبحت فكرة الحرب تحاصر اللبنانيين، وقد عزّزتها الأحداث الأخيرة والقصف المتبادل بين إسرائيل وحزب الله، ناهيك عن كمّ هائل من الشائعات التي تشير إلى اقتراب الحرب. فالأمور تبدو جدّية،لذلك استعدوا…
إنّ هذا القلق المتنامي يثير تساؤلات عديدة، وأبرزها: هل بدأت طبول الحرب تدُقّ فعلًا؟ وبالتالي، هل ما يُنشر في وسائل الاعلام حقيقة، غايتها تحذير اللبنانيّين وتوعيتهم بمخاطر الوضع الراهن، أم أن هناك أهداف أخرى تقود إلى نشر هذا القلق؟
حرب اقليمية؟
قبل أن نستفيض في تفسير ما يجري، ونجيب عن التَساؤلات الآنفة الذّكر، يتعيّن علينا أولاً توضيح الآتي، منذ بضعة أيام، عبارة “حرب اقليمية”، تتردّد على مسامعنا. فهل ستكون الحرب ضدّ لبنان وحزب الله تحديدًا أم إسرائيل؟
وفي هذا السياق، تشير أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية والخبيرة في الشؤون الاستراتيجية ، الدكتورة ليلى نقولا في حديث لموقع “الملفات”، إلى أن الحرب الاقليمية هي حرب على اسرائيل وليس على لبنان بالطبع، وهي تعني حربًا تشمل عدة جهات تتعاون معًا لشنّ هجمات على إسرائيل. هذه الجهات تشمل المستعمرات الاسرائيلية في جنوب لبنان وغزة في فلسطين والجولان السوري المحتلّ، وقد يشارك فيها مقاتلون من العراق واليمن. بالإضافة إلى ذلك، قد تشترك إيران في هذه الحرب، وقد تنضم قوات حلف الناتو أيضًا، هذه هي الحرب الاقليمية.
وتلفت إلى أن إسرائيل، ولما تبيّن لغاية اليوم، لا تستطيع أن تتحمل حربًا من كل الجهات، لذلك تحاول أن تبتعد عنها، لاسيما في ظلّ الارتباك الحاصل على كل المستويات. بناءً على ذلك، تسعى القوى الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، لممارسة الضّغط على إيران وحزب الله وسوريا لعدم المشاركة في هذه المعركة وللتّأكد من عدم تحوّلها إلى حرب في المنطقة.
انطلاقًا من ذلك، تعتبر د.نقولا أن اتجاهات الحرب غالبًا ما تكون مكلفة جدًا بالنسبة لجميع الأطراف، ولذا لا يبدو مرجحًا حدوثها والأمور تتجه إلى أن تنحصر المعارك بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ومع ذلك، فيما يتعلق بالحرب، لا يمكن للإنسان أن يضمن مجريات الأحداث، ولا أحد يعلم كيف تتدحرج الامور، لذا لا يمكن استبعاد أي احتمال. وعلى الرّغم من ذلك، يبدو أن احتمال حدوثها ضئيل.
حزب الله ينخرط بالتوقيت الذي يناسبه !
بالنسبة للبنان، يبدو أنّ حزب الله لن يشترك في المعركة إلا عندما يرى التوقيت مناسبًا، أي بتوقيته، وعلى الرغم من أنه أعلن أنه ليس على حياد تام، إلا أنه يبدو اليوم أنه لن ينخرط في هذه المعركة.
أما ما يجري في الجنوب فيعتبر مناوشات محدودة حتى الآن برأي د.نقولا. ففي اليومين الأخيرين، شهدنا هجومًا من قبل جماعة الجهاد الإسلامي على الإسرائيليين، ولكن رد إسرائيل كان بقصف مركز لحزب الله واستشهاد 3 من عناصره. رد حزب الله على هذا العدوان كان استنادًا إلى المعادلة التي وضعها في السابق، والتي تقول إن أيّ قصف إسرائيلي لمدينة في لبنان سيتم رده بقصف مدينة في إسرائيل، وأيّ قتل لأحد من أفراده سيواجه بالرد. اليوم، نجد أن حزب الله قد أثبت صدق هذه المعادلة ونفذها على أرض الواقع.
وبالنسبة للأيام القادمة، تعتقد الدكتورة نقولا أنّ الأمور ستظلّ ضمن هذا السياق، ما لم تتطور بشكل مفاجئ ودراماتيكي. في تلك الحالة، لكل حادث حديث.
لا شيء يوحي بحرب قادمة
قلق اللبنانيين مُبرّر وإن رآه البعض مبالغًا فيه، فالفضل بذلك يعود لتقارير وتحليلات وأخبار غايتها اثارة الذّعر في نفوسهم، فتارة يلمح البعض إلى حرب قادمة ويهيّئ لها، وطورًا تنتشر أخبارًا كالنار في الهشيم، تكشف عن إخلاء السفارة الأميركية لموقعها في عوكر ممّا يوحي إلى كارثة تنتظر لبنان.
وفي هذا الاطار، تؤكد د.نقولا أنّه يجب أن نعي أن هذه الأخبار هي أخبار زائفة، وليس هناك ما يدعو لإخلاء السفارة الأميركية لمواقعها في لبنان. ليس هناك دليل يشير إلى قرب وقوع حرب، ولا يوجد تغيير في وضع السفارة. يُفترض أن هذه الأخبار تم تداولها بهدف توتير الوضع أو تخويف اللبنانيين. ومع ذلك، لا يوجد شيء في لبنان يبرّر أن تشعر السفارة الأميركية أو أيّ سفارة أخرى بالقلق.
في الختام، لا يسعنا إلّا أن نترقّب ما ستؤول اليه الأمور في الأيام القليلة المقبلة، فوحدها التطورات والأحداث ستحسم مدى جدّية التهديدات الحالية، لا سيّما أن لا رأي للبنان أو لشعبه في موضوع الحرب أو السلم، وإن حصلت فهي مفروضة فرض…
المصدر : خاص موقع الملفات