December 23, 2024

ماذا يقول الذكاء الاصطناعي عن الفساد في لبنان؟

موقع الملفات – خاص

الساكت عن الفساد فاسد أيضاً، وإن نطق بالحقيقة وسمّى الأشياء كما هي، يتمُّ التشكيك به وتخوينه، باستثناء هذا الناطق أدناه. فمن نصّ هذه السطور، ليس محسوباً على فلان أو آخر، ولا تحوم حوله شبهة الولاء والطاعة لأي جهة أو فريق سياسيّ أو حتى سفارة، كونه كاتب يُشبه البشر ولكنه ليس منهم، إنّه الذكاء الاصطناعي.

موقع “الملفات” قرّر محاورة روبوت “شات جي بي تي”، حول الفساد في لبنان، حيث طلب من GPT-3، مُنشئ اللغة الجديد الفعّال في OpenAI، الإجابة عمّا يدور بأذهاننا جميعاً وكتابة هذا التحقيق وتحليل المشكلة بتفاصيلها من أجل فهم الفساد في لبنان بشكل أفضل، ولكن بمنظوره الخاص. وسيتضمّن هذا التحقيق تقييماً شاملاً للأسباب والعوامل التي أدّت إلى انتشار الفساد في لبنان، ويهدف إلى تحديد أفضل الحلول والإجراءات التي يُمكن اتخاذها لمكافحة هذه المشكلة.

والنتيجة كانت كالآتي:

مشكلة هيكلية وجوهرية

لا يُمكن تحديد بداية الفساد في لبنان بشكل دقيق، لأن الفساد كمفهوم يعود إلى فترات قديمة في تاريخ البشرية. ومن الواضح أن الفساد ليس مشكلة حصريّة للبنان، ولكنه موجود في جميع الدول والمجتمعات، بمختلف أشكاله وأسبابه.

ومع ذلك، فإن تفاقم الفساد في لبنان يعود إلى فترة الحرب الأهلية (1975-1990)، حيث تضرّرت الهيئات الحكومية والمؤسسات العامة والخاصة، وتأثّرت بشكل كبير بالفساد والرشوة والاحتكار. وبعد انتهاء الحرب، ومع عدم وجود استراتيجية واضحة لإعادة بناء المؤسسات وإصلاح النظام السياسي والاقتصادي، فإن الفساد تفاقم بشكل متواصل في العقود التي تلت الحرب.

ومنذ ذلك الحين، وعلى مدار العقود الأخيرة، شهد لبنان أزمات عدّة، كما شهدت الحكومات المتعاقبة تدهوراً كبيراً في الأداء والممارسات الحكومية، ممّا أدّى إلى تفشّي الفساد في جميع مستويات الحياة العامة وتفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. 

ويُعدّ نظام الحكم في لبنان أحد أهم الأسباب لهذا الفساد، حيث يتم التحكم بالبلد من قبل حزبين كبيرين يستخدمان الحكم لتحقيق مصالحهم الخاصة. وقد أدّى ذلك إلى عدم تمكين الشعب اللبناني من المشاركة الفعّالة في الحكم، وزيادة الفساد والتلاعب بالمال العام بشكل واسع، إذ تم تسجيل عدد كبير من الفضائح المالية والفساد في العديد من القطاعات في البلاد، بما في ذلك المصارف والمؤسسات المالية الأخرى، والقطاع العام، والمشاريع الحكومية الكبيرة.

بالإضافة إلى ذلك، يُعاني لبنان من ضعف في الرقابة والتحقيق في الجرائم الاقتصادية والمالية والسياسية، فساد في النظام القضائي وتعثّر العدالة، حيث يتعرّض هذا النظام للتدّخل السياسي والرشوة، ويتم إطلاق سراح بعض المتهمين بالفساد بكفالات مرتفعة. كما يعاني من ضعف في الإصلاحات السياسية والاقتصادية وتدني الثقة بالحكومة والمؤسسات الرسمية، وما يرافقها من نزاعات سياسية مستمرة وعدم استقرار سياسي، كذلك تفشّي الفساد في القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والخدمات العامة، ونظام ضريبي غير عادل، حيث يتم تحميل الطبقة الوسطى والفقيرة بمعظم الأعباء الضريبية، في حين يتم تخفيض الضرائب على الأثرياء والشركات الكبيرة. وهذا يؤدي إلى تقليص موارد الدولة، وزيادة الديون العامة، ويُتيح للفاسدين فرصة التلاعب بالمال العام.

خفايا الفساد

هناك خفايا وأسرار مرتبطة بالفساد في لبنان، تجعل من محاربته صعبة ومعقّدة. ومن بين هذه الخفايا، الواسطة والمحسوبيات، حيث يتم التلاعب بالمواقع الحكومية والمناصب العامة من خلالها، بدلاً من الاستناد إلى الكفاءة والخبرة. يليها التلاعب بالمناقصات العامة، ففي بعض الأحيان يتم تزوير هذه المناقصات، وتوجيهها إلى بعض الشركات بشكل غير قانوني، وهذا يؤدي إلى هدر المال العام وتراكم الديون الحكومية.

أما التهرّب الضريبي، الكسب غير المشروع والتجارة غير الشرعية فهم من الخفايا الأكثر شيوعاً في لبنان، فالأول يتم من خلال تزوير الفواتير وإخفاء الدخل غير المشروع، فيما يتمثّل الثاني في الحصول على أموال بطرق غير قانونية وغير مشروعة، مثل الرشوة والاحتيال والاستغلال، أما الأخير يتم من خلال تهريب البضائع والمخدرات، ممّا يؤدي إلى تعزيز الاقتصاد السفلي وزيادة الجريمة المنظّمة.

ناهيك عن ذلك، نجد الثقافة المرتبطة بالفساد، والتي تُعتبر أيضاً من الخفايا التي تؤدي إلى تعزيزه وتكراره، وهي الثقافة التي ترى أن الفساد جزء من الحياة اليومية للمواطنين، حيث يتم التعامل مع الرشاوى والواسطة كأمور طبيعية ووسيلة للبقاء على قيد الحياة.

القطاعات الأكثر تضرراً

يتميّز لبنان بانتشار الفساد في قطاعات عدّة، بدءاً من القطاع العام وصولاً إلى القطاع الخاص والمجتمع المدني. ومن الصعب تحديد القطاع الأكثر تضرراً بالفساد. ولكن يمكن القول بأن القطاعات التالية غالباً ما تكون متضرّرة من الفساد بشكل أكبر، ومن أبرزها، القطاع العام والخاص، القطاع المصرفي، المشاريع العامة، الصفقات الحكومية، والتعاملات الجبائية.

ففي قطاع المصارف، تشهد البلاد انهياراً اقتصادياً كبيراً، بسبب تداعيات أزمة الدين العام وتهريب الأموال وعدم الالتزام بمعايير الشفافية والمساءلة، ويشمل الفساد هنا التلاعب بالحسابات المصرفية والاحتيال البنكي والتعاون المشبوه بين البنوك والمسؤولين الحكوميين.

وفي القطاع العام، يتعرّض النظام الحكومي للفساد والرشوة في الإدارة العامة والجمارك والجهات الحكومية الأخرى، أما في الخاص، فيشمل هذا النوع من الفساد التعاون المشبوه بين القطاع الخاص والقطاع العام، حيث يتم تهريب الأموال أو تفادي دفع الضرائب، والتلاعب بالعقود والصفقات.

ويُعد قطاع المشاريع العامة أيضاً مجالاً حيوياً للفساد، حيث يُهدر المال العام من خلال التعاقد مع شركات لا تستحق العقود. وعلى سبيل المثال يتم التعامل في الطاقة والمياه بشكل غير شفاف في العطاءات والصفقات الحكومية لشركات وأفراد يتمتعون بنفوذ في السلطة. أما في الصحة والتعليم، فيتم الاحتكار وتحويل الأموال لغرض شخصي على حساب تقديم الخدمات الصحية والتعليمية للمواطنين. في حين يتم الاحتفاظ بالبضائع في الموانئ والمطارات لفترات طويلة بسبب الرشاوى، ويتم تهريب البضائع بطرق غير شرعية لتفادي دفع الرسوم الجمركية والضرائب.

الزعماء والفساد

لا يمكن القول إن الزعماء السياسيين هم السبب الوحيد للفساد في لبنان، لأن الفساد يتأثّر بعوامل متعدّدة ومتشابكة، كضعف النظام القضائي وعدم فعاليته في مكافحة الفساد، تشكيل حكومات غير فعّالة ومتورّطة في الفساد، وانعدام الشفافية والحوكمة الرشيدة في إدارة الموارد العامة والخاصة.

ومع ذلك، فإن الزعماء السياسيين والمسؤولين الحكوميين يتحملون جزءًا من المسؤولية، ولديهم دور كبير في تشجيع الفساد وتسهيل انتشاره في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص. وعادةً ما يتم توظيف أشخاص غير كفوئين في المناصب الحكومية، وتمنح الشركات والأفراد المقربين من السلطة صفقات حكومية بأسعار مبالغ فيها، كما تمنح الرشاوى والمناصب والصفقات للمحسوبين على الزعماء السياسيين.

ومن الجدير ذكره، أن هناك تقارير عدّة تشير إلى تورّط عدد من السياسيين والمسؤولين في أعمال فساد في لبنان، بما في ذلك سرقة الأموال العامة وتزوير المستندات والرشوة وغيرها.

المواطن شريك غير مباشر

يتحمّل المواطن جزءاً من المسؤولية عن هذا الفساد، لكنه ليس المسؤول الوحيد. ويمكن القول إنه يلعب دوراً بشكل غير مباشر، حيث يمكن لبعض المواطنين اللجوء إلى دفع الرشوة أو الاستفادة من الأمور غير القانونية من أجل الحصول على خدمات حكومية أو حل مشاكلهم، وهذا يُساهم في زيادة مستويات الفساد في المجتمع.

لذا، من المهم أن يتحمّل المواطن مسؤوليته في مكافحة الفساد عن طريق عدم التعاطي مع الفساد، لذلك عليه المطالبة بتعزيز الشفافية في العمل الحكومي والخاص، والضغط على المسؤولين لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاربة الفساد وتطبيق القوانين المنظمة للمؤسسات، ودعم الحملات المجتمعية المناهضة للفساد والتي تعمل على توعية المجتمع من أضرار الفساد على الاقتصاد.

مع ذلك، يجب الاعتراف بأن العديد من المواطنين في لبنان متضرّرون زيعانون من الفساد، وتضييع فرصهم بسببه في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص. لذلك، فإن المواطن ليس الشريك الأساسي في الفساد في لبنان، وإنّما يُمكنه أن يساعد في مكافحته من خلال التعبير عن رفضه له والإبلاغ عن أي حالات فساد يتعرض لها.

أدلة وتورط

لا يمكن الجزم بأن الأجهزة الأمنية اللبنانية بأكملها مشاركة في الفساد، لكن هناك أدلة تشير إلى تورط بعض الأفراد داخل هذه الأجهزة بالفساد.

وفي السنوات الأخيرة، شهد لبنان اتهامات لعدد من الأفراد العاملين في الأجهزة الأمنية بالفساد والتورط في قضايا متعلّقة بالتهرّب الضريبي والتجارة غير الشرعية وتهريب المخدرات. وتم الكشف عن هذه القضايا بفضل جهود بعض المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الحرّة في لبنان.

 

إذاً، الفساد في لبنان يتحمّله الجميع، وليس شخص أو جهة معينة، ويتطلّب القضاء عليه محاسبة جميع المسؤولين الذين يُشتبه في تورّطهم في الفساد وتطبيق العدالة عليهم من دون أي تهاون، والقيام بتحركات حاسمة وإصلاحات جذريّة في النظام السياسي والاقتصادي والقانوني، بالإضافة إلى تعزيز الحوكمة الرشيدة والمشاركة المدنية والشفافية في الإدارة العامة وتوفير مؤسسات وآليات مستقلة للمساءلة.

إن تحقيق هذه الحلول يحتاج إلى تعاون وجهود حقيقية من الجميع، والتزام بالإصلاح الجاد لمكافحة الفساد في لبنان، بحسب الذكاء الاصطناعي.

المصدر : موقع الملفات – خاص