في أغلب الأحيان، تنسج مخيلة المهرب أوهامًا تجعله يعتقد بأنه يسبق رجال الأمن بخطوة واحدة نتيجة الخبرة الطويلة التي اكتسبها في هذا الكار، فمهما تلقى ضربات لا يتراجع أو يستكين حتى تحقيق مبتغاه وبأي ثمن كان. وفي حال ألقي القبض على احدى شحناته وتم احباط عمليته، هناك العشرات غيرها قيد التجهيز بطرق ووسائل أخرى يصعب احباطها وقد تمر حتى دون أن يعلم بها أحد.
في التحقيق الأول من وسائل التهريب الابتكارية، نشرنا عملية البرتقال التي ابتدعها المهربون، واليوم نكشف النقاب عن عملية أخرى يتضح من تنفيذها مدى اتقان العصابة لمهامهم. هذه العملية تختلف عن الأولى التي سبق وتحدثنا عنها، فمن الفواكه إلى السيارات، طرق توضيب قد لاتخطر على بال أحد من دون إخبارية من هنا أو هناك.
وكالعادة كانت البداية مع معلومات وصلت إلى مسامع المعنيين تتحدث عن عملية تهريب يُجهز لها، مما أثار شكوك المعنيين حول شحنة معينة، وبعد تحليل المعطيات والتأكد من صحتها بدأت عملية الرصد والمراقبة لتسفر في خواتمها إلى ضبط الشحنة المعدة للتهريب.
نتحدث هنا عن حاوية بداخلها مجموعة واسعة من عشرات قطع غيار واكسسوارات للسيارات، عملت العصابة على اخفاء حوالي مليونين حبة كبتاغون بداخلها، يقدر قيمتها بـ 40 إلى 50 مليون دولار، تنطلق من مرفأ بيروت إلى جهتها الأولى أفريقيا، ومن هناك إلى احدى الدول العربية.
بين كل 10 محركات، محرك “ملغوم” بالكبتاغون، حاله كحال سائر القطع، حتى المساحات لم تسلم منهم لا سيما ان تطريقة التوضيب تمت باحترافية كبيرة، مما يؤكد أن مُنفذ هذه العملية مُخضرم وعلى دراية تامة بعمله وكيفية اتمامه بدقة، فهو يفهم جيدًا بالسيارات وطريقة تفكيك القطع، ولو أنه استخدم حنكته تلك في قطاع تصليح السيارات شو كان عبالنا.
هذه العملية أحبطت قبل التصدير، وبنتيجتها تم توقيف 4 أشخاص من الجنسية السورية تورطهم في التهريب مُثبت فيما رأس العصابة لم يتم الكشف عنه.
اذا وقائع هذه العمليات المتنوعة الأساليب للمهربين لا تشي إلا بأن الفشل بالمنسبة لهم ولو لمرة واحدة نِعمة، وحالة إذا لم يمروا بها، لا يمكن أن يكتشفوا الثغرات التي أودت إلى خسارتهم.