لطالما احتّل القطاع التعليميّ – التربويّ المركز الأوّل في لبنان، ويُعتبر مقصداً للعرب والأجانب، إذ أعطى صورة مميّزة في ظل الأزمات السياسية والخضات الأمنية التي عصفت به.
هذا القطاع يعيش اليوم حالة حرجة وينزف بسبب الإهمال غير المبرّر وعلى كافة الصعد لاسيما في القطاع الرسمي، الذي أصبح بحاجة إلى حلول جذرية، لا إصلاحات سطحية أو مؤقّتة، في ظلّ ما يعانيه من أزمة اقتصادية خانقة، إضافة إلى ضعف البنية التحتية له إلى حدّ بات عدد لا يُستهان به من المدارس، يُشكّل خطراً على سلامة الطلاب، لمجرّد أنّها معرّضة للانهيار في أي لحظة والتسبّب بكارثة.
هذا السيناريو حدث في وقت سابق، ومن المحتمل أن يتكرّر في أي لحظة، طالما أن الجهات المعنية لم تتّخذ أي إجراءات وقائية وحلول بديلة، حيث أن هناك نحو سبعة مبانٍ على الأقل مُعترف أنّها معرّضة للانهيار.
فمن لا يتذكّر ماغي محمود، ابنة الـ 16 عاماً التي توفيت نتيجة إهمال المعنيين، بعدما انهار سقف قاعة في ثانوية القبة الثانية الرسمية على رأسها منذ أشهر وقتلها، بسبب إهمال سرق ضحكتها وربيع عمرها. ما حدث لماغي قد يحدث لغيرها، في ظلّ غياب الصيانة والمتابعة الدائمة للبنى التحتية للمباني التعليمية الرسمية في لبنان، وما يزيد الطين بلّة أن سقوف الموازنة لا تسمح بتأهيل هذه المدارس، لكنّها تسمح بقتل طلاب يذهبون إلى مدارسهم لتلقي العلم فيعودون جثثاً إلى أهلهم.
وتعليقاً على واقع الحال، شبّه نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض الوضع المتردّي لبعض المدارس الرسمية في لبنان بالوضع في كل القطاعات الرسمية”، لافتاً في حديث لموقع “الملفات” إلى أن “الوضع الاقتصادي المنهار، والقروض التي تأتي من الخارج تكون مخصّصة لأمور معينة ومحدّدة، وبالتالي لا يستطيع وزير التربية عباس الحلبي التصرّف بها كما يريد”.
وذكّر بأن الوزير الحلبي كان قد أعلن أن اللجنة الهندسية في الوزارة تقوم بجولات متتالية على المدارس وتكشف على المباني وتقوم بصيانتها ولكن ضمن إمكانيات الوزارة.
وفي الإطار قال محفوض: “كل سنة نقوم بتمرير العام الدراسي بأقل أضرار وخسائر ممكنة، وهناك أربعة آلاف وخمسمائة أستاذ لم يتقاضوا رواتبهم في شهر آذار، فهل نرمّم الحجر أو ندفع للأساتذة رواتبهم؟”. وشدد على أن “الحل يكمن في انتخاب رئيس للجمهورية، وحكومة فاعلة تُعيد العمل للمؤسسات الدستورية والرسمية، وتضبط الحدود، وتقوّي عمل المرفأ والمطار”.
للأسف، واقع الحال في لبنان وترهّل مؤسسات الدولة وضع الأمور في مفاضلة بين ترميم الحجر وحماية الأطفال والطلاب وبين إعطاء الناس أبسط حقوقهم، فإمّا السكوت عن الحق والحياة وإمّا الموت.