صفقة بمليوني دولار.. التفاصيل الكاملة لواحدة من أضخم العمليات الاحتيالية
في عالم الانحراف والجريمة المنظمة، كلّ شيءٍ مباحٌ ومتاحٌ، لاسيما أنَّ المتحيلين والمزوّرين دائمًا في سباقٍ مع الوقت ومع زملائهم في “الكار”. فمنهم من يحاول استغلال كلّ ثغرةٍ لتحقيق أرباحٍ طائلةٍ بطرقٍ مُلتبسةٍ وغيرِ شرعيةٍ، وآخرونَ يبحثون عن طرقٍ ملتويةٍ وأساليب مدروسةٍ بدقةٍ وحرفيةٍ لإتمام عمليَاتهم وجني ثرواتٍ هائلةٍ دون ترك أيّ دليلٍ ملموسٍ يُورّطهم أو يكشف خفايا أعمالهم المشبوهة.
ولكن يقظة بعض الأمنيين، بالرغم من أوضاعهم الحرجة، والقدرات التحقيقية المتقدمة التي يتميز بها من هم في سدةِ المسؤولية، لا تزال تعرقل هذه المحاولات وتضع حدًّا لأحلامهم بالثراء السريع. إحدى هذه المحاولات كان مسرحها مدينة طرابلس، حيث تم إحباط عملية تزوير عقارية ضخمة لعقار يقع على بولفار طرابلس قرب مصرف لبنان، كادت أن تودي بحوالي مليوني دولار إلى أيدي المجرمين، وتحديدًا إلى شخصٍ معروفٍ في “كار” التزوير والنصب والاحتيال.
معلومات سرية ودقيقة توافرت لمكتب طرابلس في أمن الدولة حول عمليةٍ مشبوهةٍ لبيعِ عقارٍ تُقدر قيمته بمليوني دولارٍ باستخدام هويّة مزوّرة.
بداية القصة، بحسب معلومات “الملفات”، كانت عندما وضع المدعو “د. ع. ر.”، لبناني، عينه على العقار المذكور. فاستحصل على معلومات عن مالك العقار، ثم عمد إلى تزوير هوية وإخراجِ قيد لصاحب العقار الأصلي، ليستحصل بعدها على سند بدل عن ضائع. ومن الخطوة الأولى إلى خطوةٍ أخرى قضت بالتوجه إلى أحدِ كتَّاب العدل، حيث طلب عمل وكالة بيعٍ وتصرف بالعقار لشقيقه، علمًا أنه وشقيقه نفس الشخص باستخدام هوية مزورة وإخراج قيد مزور. وبموجب هذه الوثائق المزورة، تم عرض العقار للبيع، وتوصل إلى اتفاق مع الضحية، أي الشاري، الذي لم يكن يعلم بخديعة التزوير.
بدأ مكتب طرابلس في أمن الدولة بتحرياتٍ مكثفةٍ حول العملية. استمرت المتابعة والرصد للمشتبه به لعدة أيامٍ، واستُخدمت مصادر بشرية وتقنية لتحديد هويته الحقيقية ومكان وجوده.
في المحاولة الأولى لإلقاء القبض على المزور، اعتمد العناصر على صورة الهوية المزورة، مما جعل العملية شبيهة بالبحث عن إبرةٍ في كومة قش. ولكن بعد تغيير الخطة وإحكامها وزيادة عدد العناصر الأمنية في المرة الثانية، تمكنوا من تغطية مساحة كبيرة من مسرح الجريمة. لا سيما أن المعطيات كانت تؤكد أنه بصدد الحضور إلى أحد مكاتب كتاب العدل بمحيط سرايا طرابلس.
تمكنوا من تحديد موقع المشتبه به بدقةٍ أكبر، خاصة بعد أن عممت صورته على كافة العناصر وبعدة أشكالٍ يمكن أن يتخذها في محاولة منه للتخفي. إلا أنهم تمكنوا من إيقاعه بالشرك في كمينٍ محكمٍ. ففي اللحظة الحاسمة، حين توجه المزور إلى دائرة عدل طرابلس لإتمام عملية التفويض بالهوية المزورة، قام العناصر بإلقاء القبض عليه متلبسًا، وصادروا جميع الوثائق المزورة التي بحوزته.
بعد التحقيقات الأولية، تبين أن الموقوف هو شخص مطلوب بموجب مذكرة إلقاء قبضٍ من الهيئة الاتهامية في جبل لبنان بجرم التزوير. كما تبين أنه لديه خلاصة حكمٍ بالسجن لمدة 10 سنواتٍ صادرة عن جنايات جبل لبنان بجرم التزوير، وحكم آخر بالسجن لمدة 6 سنوات من المحكمة العسكرية بتهمة ترويج المخدرات. علاوةً على ذلك، كان هناك ملفٌ حاليٌّ له بتهمة تزويرٍ ومحاولة بيع عقارٍ آخر في جبل لبنان.
وخلال التحقيق، تبين أن المزور كان يعمل مع شريكٍ لبنانيّ فرَّ إلى سوريا، وهو قيد الملاحقة من قبل المعنيين. كما كانت هناك محاولة موازية لبيع عقارٍ آخر في أدما لشخص سعودي باستخدام هويّة مزوّرة مختلفة ولكن بنفس الصورة الشمسية.
هذه العمليات كشفت عن تنظيم معقد لبيع العقارات بالتزوير، حيث كان المزورون يزورون هوياتِ أصحابِ العقارات الأصلية ويستخدمون وكالاتِ بيعٍ مزورة لتحقيق أهدافهم عبر عمليات احتيالية ضخمة عادةً ما تؤدي إلى خسائر مالية جسيمة. وبفضل يقظة العناصر الأمنية والتحريات الدقيقة، تم إحباط هذه العملية وأوقف الجاني وسلم للعدالة لتأخذ مجراها.
المصدر : خاص – موقع “الملفات”