“روح لعاب، مش واردة عنا”
أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، ان “الحملة التي أُطلقت ضد الجيش اللبناني منذ اسبوعين تقريبا وتبعتها مواقف الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، تمثل أكبر عملية تجنٍ وغشٍ نشهدها”.
وعزا سببها الى رغبة أصحابها في تحجيم “الجيش” لانه الوحيد القادر، في المرحلة المقبلة، على سد الفراغ في الجنوب وفي كل لبنان.
وذكّر في مقابلة على الـLBCI بأن “الميثاق الوطني وُضع بين المسلمين والمسيحيين لا بين الموارنة والأرثوذكس والشيعة والسنة والدروز”.
وطمأن إلى أن لا تخوف من الانزلاق الى حرب أهلية، باعتبار أنها “كلمة كبيرة وتحتاج الى قرار، علما ان ما من فريق لبناني يرغب بها”.
شدد على ان “الضمانة تكمن في قيام الاجهزة الأمنية والجيش اللبناني كل بدوره، كيلا تذهب الاشكالات الى ابعد من حدّها”.
أضاف جعجع: “هل يمكن أن نسأل المجموعات النيابية التي ترفض أن تُقدم على اي خطوة عملية في الوقت الحاضر، ما اذا كانت تؤيد ما حصل في اميركا؟ وفي حال أيدتها فلماذا لا تتجه الى اتخاذ خطوة عملية كالتوقيع على عريضة؟ هناك 127 نائباً، باعتبار ان واحدا من النواب لا يتكلم، يرددون بشكل دائم مؤكدين ضرورة اجراء الاستحقاق الرئاسي، فلماذا لا يوقعون على عريضة يطالبون فيها بإجراء الانتخابات، ويكفي أن تتضمن تواقيع أكثر من 86 نائباً؟ وفي ظل الفراغ الرئاسي، يمكن وبحسب الدستور في أي وقت ان يجتمع 87 نائباً لعقد جلسة يترأسها كبير السن بينهم، هذا في حال بقي رئيس المجلس النيابي نبيه بري على موقفه بعدم الدعوة الى جلسة قبل التوافق على اسم الرئيس”.
وردا على سؤال، استغرب جعجع “مقولة من يدّعون ان تطبيق الدستور يؤدي الى إشكال، متجاهلين ان هذا هو الدستور ومتذرعين بأن ثمة من يخيفنا بهذا المفهوم، ولذلك “منعمل متل ما بدو أو بيعمل مشكل)”.
واذ شدد على أن “الطائفة الشيعية كانت دائماً من الطوائف المؤسسة في لبنان… لفت جعجع الى ان “حزب الله سيطر طيلة السنوات الـ40 الماضية على قرارها لعشرين سبب وسبب، وهي أسباب لا تبدأ بالتاريخ فحسب ولا تنتهي بالجغرافيا وما بينهما، ولكن هذا لا يعني ابدا ان هذه هي الطائفة الشيعية الحقيقية”.
وعما إذا كان يقبل بجلسة لانتخاب رئيس لا تشارك فيها الطائفة الشيعية، أجاب معلّلا: “نعم، الدستور يجيز ذلك والميثاق الوطني أيضا، فإذا رفض الموارنة على سبيل المثال أمراً فهل يُعطَّل البلد على أثره؟”
وعن موقف بري الرافض لعقد جلسات من دون مشاركة “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، اعتبر جعجع أن “هذا الرفض يعود لعدم رغبته بعقد جلسة، وفي حال اعتمد هذا المبدأ فهو مبدأ خاطئ أدى الى التعطيل منذ 40 سنة الى اليوم وأوصل البلد الى الهاوية التي يتخبّط بها”.
وأردف: “ان الحل إما في تعديل الدستور بالنظر الى الممارسات التي تتم الآن لتأسيس دستور جديد، أو البقاء على الحالي الذي ينص على اجراء انتخابات رئاسية، وبالتالي من غير المقبول المطالبة بالتوافق قبل الانتخابات”.
وبعدما رفض جعجع ممارسة سياسة التخويف الدائم من حصول فتن واندلاع اشكالات في البلد، اوضح ان “هذا الواقع الذي زرعوه في المفهوم اللبناني ليس من الضروري أن نقبل به، فمنذ سنتين تمت الانتخابات النيابية وكانت حامية جداً على الصعد كافة وبعد صدور النتائج لم يحصل شيء في البلد، الا ان محور الممانعة هو من عطل الانتخابات الرئاسية منذ اللحظة الأولى وما زال مستمرا بذريعة أن “لا رئاسة قبل وقف اطلاق النار”، في حين أن لبنان يعاني من كارثة استراتيجية ووطنية وإنسانية ومعيشية، وبات بأمس الحاجة الى رئيس أكثر من أي وقت آخر”.
وتوجّه بسؤال “إلى كل الآخرين”: “إذا كان محور الممانعة يقوم بهذه الممارسات، فأين أنتم منها بعيدا من الكلام؟ يتوجّب عليكم مطالبة الرئيس بري بالدعوة الى جلسة انتخابية وفي حال رفضه، يتوجّه 87 نائباً بشكل تلقائي إلى البرلمان لانتخاب الرئيس”.
وتابع: “لا يمكن لأي مجموعة تعطيل البلد والسير خلافا للدستور وللأكثريات الأخرى كلها، علما ان هذا الأمر يجب الّا يأخذنا الى اقتتال داخلي، وفي حال حصل، فهذا يعني أن ثمة مشكلة أعمق وأكبر بكثير مما نشير اليه. وحبّذا لو نسأل إن كان يجوز أن تعطل الطائفة الشيعية الطوائف المسيحية والسنية والدرزية، بدلا من ان نسأل: هل يجوز بقاء الطائفة الشيعية خارج جلسة الانتخاب؟”.
وتوقع جعجع “استمرار المعارك، في هذه المرحلة، لا بل تفاقمها أكثر من السابق، فطرفا النزاع يعتبران انهما امام فرصة لتعزيز مواقفهما قبل التوصّل الى واقع يفرض محدودية في التحرك”.
ردا على سؤال، اوضح أن “منذ مجيء الموفد الأميركي آموس هوكستين الى لبنان، كان محور الحديث مطالبة اسرائيل بمنطقة عازلة تمتد من 3 إلى 5 كيلومتر حيث تتواجد التحصينات الأساسية لحزب الله، اما الآن، وللأسف، فستصل المسافة الى ما بين 8 و10 كيلومتر، فمنذ شهر احتلّ الإسرائيليون 200 كيلومتر مربع تقريبا، بينما تطلّب احتلال غزة، ومساحتها 360 كلم، مدة من 8 الى 9 اشهر، ما يعني انهم “مسبّقين كتير بلبنان” خلاف ما يسوّقه الحزب في هذا الاطار”.
وهل لبنان سيصبح في موقع المقاومة اذا احتلّته اسرائيل، علّق جعجع: “إن الطروحات التي عرضت على الحكومة اللبنانية واضحة، حتى الآن، وهي استلام الجيش اللبناني الجنوب، كما يجب، مع حكومة وسلطة توحيان بالثقة ومن دون اي وجود لتنظيمات مسلحة على الأراضي اللبنانية تمتلك صواريخ توجّهها الى إسرائيل، فعلى الرغم من ان اسرائيل لديها أطماع كثيرة، ولكن المطلوب من لبنان معلوم من الجميع، وقد طرحه هوكستين امام جميع اللبنانيين وتبلّغته قيادة الحزب، ويتمثّل بانسحاب حزب الله من الجنوب وانتشار الجيش اللبناني، إلا أن الجواب اتى من لبنان، قبل إسرائيل، ومضمونه (روح لعاب، مش واردة عنا)”.
جعجع الذي أسف للوقوع في الأسوأ الذي سبق وحذر منه، اوضح “ماهية الزيارة الأخيرة لهوكستين الى إسرائيل، اذ طرح تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته وهو ينص على انتشار الجيش اللبناني مع قوات دولية لها الحق بالإشراف على طريقة تنفيذه، الى جانب مراقبة تهريب الأسلحة عبر الحدود اللبنانية، فيما ستتمتّع إسرائيل بحق التدخّل في أي وقت اذا ما رأت اي عملية تهريب، وهذا الطرح هو الأسوأ الذي وقعنا به نتيجة عدم تنفيذنا لضبط الحدود بشكل صحيح”.
وعن سبب عدم تطبيق الـ1701 كما يجب، اعتبر ان “مجموعة من السياسيين، منذ 40 سنة، لا تريد مواجهة احد وتسعى الى الحفاظ على علاقة جيدة مع الجميع، الأمر الذي دمر الوضع”.
وعن الحملة التي تُشنّ على الجيش اللبناني، وبخاصة بعد عملية البترون، أكد جعجع ان “ما يتعرض له الجيش منذ اسبوعين تقريبا واستُتبع بموقف الشيخ قاسم يمثل أكبر عملية تجنٍ وغشٍ نشهدها، اذ ان الجيش لم يتخذ قرار الحرب وبالتالي لا يواكب حيثياتها بل كلنا نعي ان “حزب الله” من اعلنها، لذا السؤال موجّه له: “كيف جاء هؤلاء الى البترون؟”، فهو من يمتلك القوة البحرية ومن يهمش الجيش ويضعه على حدى منذ 30 سنة.”
واستطرد: “منذ سنوات، كان هناك ضابط في الجيش اللبناني أضاع الطريق وهو يقود مروحية واقترب قليلا من مركز للحزب فقتلوه، وهو الشهيد سامر حنا. اذاً ماذا تركتم للجيش في هذه المعركة كلها؟ لا القرار يعود له ولا المواجهة ولا أي أمر آخر، وجميع اللبنانيين على دراية بما حصل في البترون. عملية الإنزال التي شهدناها سهلة جدا، فقد جاء الاسرائيليون بحرا عبر المياه الدولية بزوارق مطاطية لا تلتقطها الردارات واستخدموا أجهزة تشويش عليها، فنفذوا العملية وغادروا.”
وتوجّه الى الشيخ قاسم بالسؤال: “كيف عرف الإسرائيليون مكان السيد حسن نصرالله وهاشم صفي الدين؟ نحن من الذي عليه طرح الأسئلة عليكم لا العكس، فأنتم من يخوض الحرب ومن لم يقم بالحسابات الدقيقة.”
وعزا هدف الحملة على الجيش اللبناني الى “رغبة أصحابها في تحجيم الجيش “لانه الوحيد القادر، في المرحلة المقبلة، على سد الفراغ في الجنوب وفي لبنان كله”.
وردا على سؤال، أعرب عن عدم تخوّفه من اندلاع حرب أهلية “فهي كلمة كبيرة وتحتاج الى قرار، وما من فريق لبناني يريدها”.
وذكّر انها “بدأت في الماضي بشرارة اذ أراد فريق وضع يده على السلطة، الا ان اليوم لا قرارا بالحرب، ولو انه من الطبيعي حدوث بعض الإشكالات التي تُعالج بشكل فوري كما تعمل القوى الأمنية والجيش اللبناني وهم ضمانتنا بأن لا تتطور هذه الإشكالات كي تصل الى مشاكل كبيرة”.
واستبعد ان يسبب هذا النزوح مشكلة في التوزيع الديمغرافي اذ بعد وقف اطلاق النار سيعود النازحون الى بلداتهم ليعيشوا فيها، ولو كانت مدمّرة”.
وإلى الرئيس نبيه بري، وجّه جعجع رسالة: “الضرر علينا عموما وعلى البيئة الشيعية خصوصا، لذا (صار بدا) الكثير من الجرأة والوضوح ووقف المسايرة، ونحن لا نريد القتال حتى آخر شاب شيعي في لبنان ولا حتى لتدمير آخر حجر في بيت شيعي في لبنان، فقد خسرنا الكثير ولا نتحمّل المزيد. اتخِذ القرار بتنفيذ القرارات الدولية مع الحكومة الحالية وقل لمن تبقى من مسؤولي حزب الله: كفى، على أي أساس تستمرون في القتال؟”.اما عن الصواريخ الدقيقة
وعن توقيت انتهاء هذه الحرب، اجاب: “الإسرائيليون يتحضرون للمرحلة البرية الثانية، ولا اعرف إن كنا سنشهد مرحلة ثالثة. انهم يعملون لابعاد حزب الله نحو 30 كلم عن حدودهم، مهما كلف الأمر، وعندها لا يمكن لصواريخ الحزب الوصول الى اسرائيل، وحتى الجيش الاسرائيلي لا تتخطى الـ70 قتيلاً”.
وجدد التأكيد ان “الرئيس التوافقي يعني لا رئيس، والحكومة التوافقية تعني لا حكومة، وهذه المعادلات اوصلتنا الى هذا الوضع، لذا نبحث عن رئيس يتمتّع بالمواصفات الانقاذية المطلوبة وقادر على الفوز”.
وردا على سؤال عن انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية، أجاب: “هناك كتل نيابية كثيرة مع انتخابه، وأنا أعلنت انه من المرشحين الجديين ولا فيتو منا عليه، ولكن قبل ترشيحنا له رسميا سنتحدث معه في الملف السياسي لنطّلع على مقاربته لبعض الامور االسياسية والحلول المطروحة لمعالجة الملفات الشائكة كالتهريب على الحدود، على سبيل المثال”.