في ظل تصاعد التوترات الأمنية في سوريا، برزت خلال الأيام الماضية أحداث دامية في منطقتَي جرمانا وأشرفية صحنايا، طالت بشكل مباشر أبناء طائفة الموحدين الدروز، ما أثار قلقًا واسعًا داخل الطائفة وحرّك اتصالات سياسية ودينية على أعلى المستويات لاحتواء الوضع ومنع انزلاقه نحو فتنة داخلية. فقد شهدت الساحة السورية تحركات أمنية خطيرة ترافقت مع اعتداءات متكررة، وُصفت بالمفتعلة، استهدفت مدنيين دروزًا، وسط تداول تسجيل صوتي مفبرك مسيء للنبي محمد، سُرّب بهدف إشعال فتنة طائفية بين الدروز والمسلمين السنّة.
أمام هذا المشهد المقلق، تحرّك كل من الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وشيخ عقل الطائفة الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، عبر سلسلة اتصالات داخلية وخارجية شملت قيادات لبنانية وسورية وعربية، بهدف وقف إطلاق النار وإعادة منطق الدولة وضبط الفصائل المتطرفة، في مواجهة ما وصفوه بـ”مشروع فتنة يخدم إسرائيل وأعداء استقرار سوريا ووحدة مكوناتها”. وقد تكللت الجهود باتفاق على وقف إطلاق النار، في انتظار التوصل إلى صيغة نهائية تضمن السلم الأهلي في جبل العرب وسائر المناطق ذات الغالبية الدرزية.
وفي الإطار نفسه، كثّف شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى اتصالاته، لا سيّما مع مفتي سوريا الشيخ أسامة الرفاعي ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، مؤكدًا أن أبناء الطائفة في جرمانا وأشرفية صحنايا قادرون على الدفاع عن أنفسهم، لكنهم أيضًا جديرون بوأد الفتنة وضبط النفس، محذرًا من محاولات مشبوهة لإشعال نار الفتنة في البلاد. ودعا أبناء الطائفة إلى استنكار أي إساءة للمقدسات، والتعامل بحكمة مع أي تطورات قد تستغل لتوسيع دائرة الفوضى.
وتعبيرًا عن القلق المشترك، عقد المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز اجتماعًا استثنائيًا في دار الطائفة في فردان، بحضور شيخ العقل وليد جنبلاط وعدد من الوزراء والنواب والمشايخ. وبعد الاجتماع، اعتبر شيخ العقل سامي أبي المنى أن “ما حصل كان مشروع فتنة من خلال تسجيل صوتي يُسيء إلى النبي محمد”، مؤكدًا أن “الموحدين الدروز لا يمكن أن يسمحوا بالإساءة إلى نبيهم رسول الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام”. وأضاف: “ندين الإساءة للنبي محمد كما ندين ردة الفعل التي طالت المقدسات، وندعو الجميع إلى التنبه من الكلام الفتنوي”، مؤكدًا رفض الطائفة لأي حالة عدائية مع أهل السنة في لبنان أو سوريا، وداعيًا الحكومة السورية إلى ضبط الفصائل المتطرفة.
وفي بيان توجيهي منفصل، دعت مشيخة العقل أبناء الطائفة إلى عدم قطع الطرقات أو التظاهر أو التعرض للأشقاء السوريين الأبرياء المتواجدين في المناطق اللبنانية، وشددت على ضرورة الرجوع إلى رأي المشايخ الأفاضل قبل الإقدام على أي خطوة ميدانية. كما ناشدت بالابتعاد عن الأخبار التحريضية وتغليب صوت العقل والمسؤولية لحماية السلم الأهلي، مؤكدة أن الغيرة المعروفة لأبناء الطائفة يجب أن تبقى ضمن الإطار الديني والإنساني.