June 7, 2025

اليونيفيل بين التجديد والتعديل والإنهاء: هل ينجح لبنان بإفشال حسابات إسرائيل؟

مع اقتراب موعد التجديد السنوي لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، يعود هذا الملف إلى الواجهة، محاطًا بجملة من التجاذبات السياسية والأمنية، فـ”إسرائيل”، التي لطالما تعاملت مع وجود اليونيفيل كعقبة في وجه مشاريعها التوسعية في الجنوب، تسعى اليوم إما إلى إنهاء وجود هذه القوة، أو تقليص فعاليتها أو إلى تعديل مهمتها جذريًا، عبر وضعها تحت الفصل السابع، بما يتيح لها مواجهة “حزب الله” بصورة مباشرة، وبغطاء أممي.
في المقابل، يتمسك لبنان الرسمي بمبدأ سيادته الوطنية وبالدور المحدد لليونيفيل وفقًا للقرار 1701، ويرفض أي تعديل لمهامها أو أي تفويض يمس صلاحيات الجيش اللبناني كقوة سيادية وحيدة على الأرض، لأن أي صلاحيات إضافية لليونيفيل ستكون على حساب الجيش، وأي إنهاء لوجودهم يعني تمهيد الطريق أمام التوسع الإسرائيلي.
اليونيفيل بين القرار 1701 وطموحات “تل أبيب”
قوة اليونيفيل وُجدت أساسًا بموجب القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن في العام 2006 بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، بهدف مراقبة وقف إطلاق النار، دعم الجيش اللبناني في انتشاره جنوب الليطاني، وتأمين بيئة آمنة للمدنيين، ولكن بحسب مصادر سياسية مطلعة تنظر “إسرائيل” إلى وجود اليونيفيل نظرة مزدوجة، فهي تراها أولا عائقاً ميدانياً يمنعها من تنفيذ مشروعها التوسعي في الجنوب، وثانياً عنصر توثيق لأي تجاوز إسرائيلي يتم رصده دوليًا.
من خلال هذه القراءة يضغط العدو الإسرائيلي باتجاه أمرين، إما تقليص دور اليونيفيل أو إفراغه من مضمونه وإنهائه، أو تحويل مهمته إلى قوة تنفيذية تحت الفصل السابع، الذي يُستخدم عندما يكون هناك تهديد للسلم والأمن الدوليين، ويتيح استخدام القوة لتنفيذ المهام.
بحسب المصادر فإن إدخال اليونيفيل تحت هذا الفصل سيعني عملياً إعطاء القوات الدولية حق التحرّك بدون تنسيق مع الجيش اللبناني وتنفيذ عمليات دهم أو مراقبة بناءً على معلومات استخبارية تقدمها دول معيّنة ستكون إسرائيل بالدرجة الأول، والتحوّل إلى طرف أمني في النزاع، لا وسيطاً دولياً.
الموقف اللبناني… حدود الممكن والرفض الثابت
يرى لبنان الرسمي أن هذا التوجه سيؤدي إلى تآكل السيادة اللبنانية على أراضيه، وتوتير العلاقة بين اليونيفيل والأهالي في الجنوب، ما قد يهدد استقرار البيئة الأمنية، لذلك تكشف المصادر أن لبنان، عبر وزارة الخارجية والمؤسسات الأمنية، يؤكد التزامه بالقرار 1701، وهو بصدد إرسال طلب التجديد عبر الحكومة اللبنانية، مشددة عبر “الملفات” أن لبنان يرفض بشكل قاطع أي تغيير في قواعد الاشتباك الحالية، وأي تفويض جديد لليونيفيل بدون موافقة الدولة اللبنانية، وأي تجاوز لصلاحيات الجيش اللبناني.
بناءً على ما أوردته المصادر، فإن تحقيق الهدف الإسرائيلي بتعديل مهمة قوات “اليونيفيل” أو نقلها إلى الفصل السابع يبدو أمرًا معقدًا في المرحلة الحالية، فثمة جملة من العوامل السياسية والديبلوماسية التي تعيق هذا المسار، أبرزها الموقف اللبناني الرسمي الصلب الرافض لأي مسّ بالتفويض القائم، إلى جانب تحفظات بعض الدول الأوروبية المشاركة في القوة، والتي تخشى من تبعات الانخراط في مهام قد تؤدي إلى صدام مباشر مع السكان المحليين أو مع أطراف داخلية.
كما أن السياق الدولي لا يوفّر الزخم المطلوب لتعديل قواعد الاشتباك الأممية في جنوب لبنان، في ظل انشغال القوى الكبرى بملفات أكثر إلحاحًا كأوكرانيا وغزة والملف النووي الإيراني. ومن هذا المنطلق، تبدو المساعي الإسرائيلية محكومة بالفشل في الوقت الراهن، مع احتمال الاكتفاء بمحاولات الضغط لتوسيع هوامش الحركة الميدانية لليونيفيل ضمن التفويض القائم، دون الوصول إلى مرحلة فرض تعديلات جذرية.
في وقت تحاول فيه “إسرائيل” تطويع التفويض الأممي بما يخدم أجندتها، يبقى على لبنان أن يتمسّك بسيادته، وأن يخوض معركته الدبلوماسية بروح واضحة: لا للمسّ بقواعد الاشتباك، لا لتجاوز الجيش، ولا لوصاية دولية جديدة تحت عنوان أمني.

المصدر : خاص موقع “الملفات”- الكاتب والمحلل السياسي محمد علوش