December 23, 2024

مخيمات “غير الشرعيين” في عهدة الحزب

بكثير من التحفظ في انتظار جلاء الصورة لإعلان الموقف في اللحظة المناسبة يتعاطى دار الفتوى مع ملف النازحين السوريين بعد وضعه على نار حامية نظرا للتداعيات الإقتصادية والإجتماعية والأمنية التي بدأت تتفشى مظاهرها على حساب المجتمع اللبناني.  

أسباب التحفظ تعود بحسب مصادر مطلعة إلى إقحام الملف في زواريب الطائفية لتجييش الرأي العام واستغلاله في الشعبوية، علما أن طابعها سياسي بحت. من هنا يقرأ بعض المحللين والحكماء أن موقف دار الفتوى المتحفظ  لا يمكن وصفه إلا بالعقلانية.

الخرق الوحيد لهذا التحفظ أحدثته تغريدة المفتش  العام المساعد  في دار الفتوى الدكتور حسن مرعب بحيث اشتمّ من  بعض المواقف السياسية التي تناولت ملف النزوح بأنه ” رائحة بوسطة عين الرمانة جديدة ولكن هذه المرّة ضحيتها السوريون بدل الفلسطينيين” على حد تعبيره.

 لكن أعيد تصحيح الصورة من ثلاثة مواقع سُنِّية، وذلك بعد الاجتماعين اللذين ترأسهما رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وضمّا وزراء وقادة الاجهزة الامنية، مروراً بزيارة وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي الى دار الفتوى واجتماعه بالمفتي عبد اللطيف دريان، حيث أكد في نهايته على “التمسك بالقرارات ذات الصلة بالسيادة اللبنانية في التعامل مع ملف النازحين وعدم السماح بالتحريض على الجيش وعلى الدولة، وان السوري الموجود في لبنان، يجب أن يلتزم القانون اللبناني، وسنفرض عليه التزامه”…  وصولاً الى ما صرّح به النائب أشرف ريفي، من ان “النظام السوري و”حزب الله” هما اللذان هجّرا السوريين من أرضهم وتم احتلال قراهم ومدنهم وتدميرها، وبالتالي هما المسؤولان عن استمرار كارثة اللجوء”.

الكاتب السياسي أحمد الأيوبي يعتبر أن ثمة ريبة في توقيت طرح هذا الملف، ويوضح أن هناك حملة لاستثماره من قبل جماعة مرشح حزب الله سليمان فرنجية لتظهيره وكأنه المنقذ الوحيد لحل أزمة ملف النازحين السوريين كما مسألة السلاح غير الشرعي والإستراتيجية الدفاعية وما إلى هنالك من ملفات شائكة. إلا أن المسألة لا يجب أن تؤخذ ضمن رزمة واحدة يقول الأيوبي” فهناك النازحون الموجودون في عرسال الذين فروا من مناطق القلمون ولا يمكنهم العودة إليها لأنها لا تزال تحت سيطرة النظام وجماعات موالية له ومن ضمنها حزب الله، وأعدادهم ليست كبيرة مقارنة مع اللاجئين الذين لجأوا إلى لبنان لأسباب إقتصادية وليس خوفا من وحشية ممارسات النظام. والأكيد أنهم يدخلون الحدود السورية ويعودون إلى لبنان بكل حرية مما يعني أن صفة النزوح أسقطت عنهم.

ويلفت الأيوبي إلى الثغرة الأمنية التي وقعت بها الأجهزة الأمنية وتتمثّل بملاحقة النازحين الذين لا يملكون أوراقاً ثبوتية وترحيلهم بطريقة عشوائية إلى سوريا . إلا أن هذه الأجهزة لم تتنبّه إلى ظاهرة دخول 37 ألف سوري لتمضية فترة عيد الفطر في سوريا وعودتهم إلى لبنان كما صرح وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال هؤلاء حصرا يجب توقيفهم وإعادتهم إلى سوريا وليس من لا يحمل أوراقا ثبوتية وقد نزح هربا من النظام السوري .

مسألة أخرى يطرحها الأيوبي وهي الأخطر بحسب توصيفه وتتعلق بالنازحين الذين عملوا على تسوية أوضاعهم الأمنية مع النظام وقدّموا أوراق اعتمادهم لديه وعادوا إلى المخيمات بصفة “لاجئ”. ويلفت إلى أن هناك مخيمات لعمال سوريين غير شرعيين في المنية يتولى قيادتها أحد أبرز قادة سرايا المقاومة ويدعى كمال الخير. وللتذكير فقد تعرضت مخيمات هؤلاء العمال إلى الحريق منذ حوالى العامين وتدخلت السفارة السورية عبر أحد مندوبيها لحث السوريين على مطالبة الدولة اللبنانية بالتعويض عليهم وفعلتها!.  

هذه الإعتبارات وسواها لا تزال مغمورة أو أقله متداخلة في حسابات المطالبين بعودة اللاجئين السوريين لكن يبقى الأهم أن في حال التزمت الدولة بترحيل من تسقط عنهم صفة نازح، وأيضاً من يتنعمون بخيرات الإقتصاد اللبناني أو ما تبقى من فتاته ومن أموال الفريش دولار، ومن عملوا على تسوية أوضاعهم الأمنية مع النظام السوري، والموقوفون في السجون بتهم وجرائم القتل والسرقة والإختلاس، حينذاك يمكن البحث في الشق المتعلق بالنازحين الذين لا يزال النظام وحزب الله يحتل بيوتهم وأراضيهم. وهؤلاء حتما لا يشكلون ربع عدد القابعين في المخيمات والمنتشرين على كافة الأراضي اللبنانية ويستحقون صفة لاجئ وليس نازح كما تعمدت الدولة أو بالأحرى حزب الله توصيفهم لإسقاط حقهم بالعودة وبالتالي تشكيل مجموعات من السوريين السنة التابعين للنظام وسرايا المقاومة ليكونوا خنجرا في خاصرة أهل السنة في لبنان.

 

المصدر : المركزيّة