لماذا تخلت روسيا وإيران عن الأسد ؟وهل يقف المشروع على أعتاب دمشق؟
رفض الرئيس السوري السابق بشار الأسد كل الدعوات التي وُجهت سابقاً له من اجل الدخول في حل سياسي في سوريا، فكان يُصر من جهة على رفض التفاوض مع الجانب التركي قبل خروج القوات التركية من البلاد، ويرى أن حكمه لن يسقط طالما هناك اهتمام روسي إيراني به وبالمكتسبات داخل سوريا.
مع انطلاق الحرب على غزة بعد عملية طوفان الأقصى العام الماضي، وبدء عمل جبهات الإسناد العسكرية تلقى الرئيس السوري تحذيرات أميركية اسرائيلية من مغبة الدخول في حرب الإسناد أو السماح باستخدام أراضيه في عمليات عسكرية ضد إسرائيل، وقيل له أن المشاركة تعني تقويض حكمه وخسارة حلب بوقت قياسي، فالتزم الأسد ولم تدخل سوريا الحرب، كما كان لها موقف من تواجد بعض الفصائل العراقية في الجنوب السوري، مما أدى إلى إخراجها من المنطقة.
وخلال الحرب كانت اسرائيل تمارس عنجهيتها العسكرية فوق سوريا وتستهدف قيادات إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله، ولكن الأسد لم يكن يمانع طالما أن مسار الانفتاح العربي عليه يسير على قدم وساق، واستمر رفضه للحلول السياسية، ورفض مقاربة ملف النازحين السوريين في دول المنطقة قبل البت بملف إعادة الإعمار، ولكن الأسد كما إيران وحلفائها، لم يقدروا اللحظة الدولية الهامة التي اطلقتها الحرب على غزة، والنوايا الاميركية والاسرائيلية الجدية بالمضي قدما في مشروع الشرق الأوسط الجديد.
قبل الانتخابات الأميركية لم يكن ممكناً للأميركيين الدخول في لعبة سوريا، ولكن مع وصول دونالد ترامب بدأ مخططه يظهر شيئاً فشيئاً، فهو قبل توليه مقاليد السلطة رغب بإنهاء الحروب في المنطقة، فكانت البداية من لبنان باتفاق يتعلق بالحدود الجنوبية، وخطة تتعلق بالحدود الشمالية لقطع الطريق على الايرانيين وحزب الله، فلم يتأخر الوقت حتى تحركت هئية تحرير الشام، وكان أمام الأسد وحلفائه في سوريا خيار من اثنين، إما القتال وإما التسليم.
بالنسبة إلى روسيا كان المشهد واضحاً، فإما أوكرانيا أو سوريا، فالقتال في سوريا يتطلب جهود كبيرة وتواجد عسكري، ومعارضة لترامب، ما يعني ان التعويل الروسي على الرئيس الاميركي الجديد من اجل إنهاء الحرب في اوكرانيا لصالح روسيا كان سيسقط لو اختار الروسي القتال في سوريا، فاختار بوتين حربه مع أوكرانيا.
بالنسبة إلى الإيرانيين فهم يدركون أنهم في لحظة ضعف على المستوى الإقليمي، وهم يتحسبون لأي ضربة اسرائيلية عليهم، وحزب الله كان قد خرج من حرب شرسة دفع فيها تضحيات كبرى، وبالتالي فإن قتالهم في سوريا بلا مساعدة الروسي كان يعني حرب استنزاف طويلة ستجعل من ساحتهم الداخلية خاصرة رخوة، كما أن الإسرائيلي لن يوفر استهداف قوات ايران وحزب الله في سوريا، لذلك وجدت أن فرصة الجنوح للسلم أسهل واكثر فائدة، فكان الاتفاق بين الإيراني والروسي والتركي في الدوحة على التخلي عن الرئيس السوري، والدعوة لحل سياسي لم يرض به الأسد.
عندما لم يرض الأسد بالحل المقترح في الدوحة، ورفض الجيش السوري القتال، وجهت إيران وحزب الله بخروج قواتهم من سوريا بشكل كامل، وكان التواصل مع هيئة تحرير الشام حاضراً لضمان أمن المقامات الدينية والأقلية الشيعية، فخرجوا وانتهت المعارك دون أن تبدأ.
التحدي الحقيقي الأول اليوم ليس طريق إيران – العراق – سوريا – لبنان، فالطريق قد أقفل، إنما التحدي سيكون بطبيعة الحكم في سوريا، وهل سينجح المسار السياسي أم أننا نتجه الى الفوضى، والتحدي الثاني سيكون باستمرار المشروع، فهل يقف على أعتاب دمشق؟ كل التقديرات إلى انه لن يتوقف هنا، وبالتالي العين على العراق وإيران.
المصدر : خاص “الملفات” – الكاتب والمحلل السياسي محمد علوش