الإقطاع السياسي مرضٌ عضال يصعب الشفاء منه، وعدوه الأول هو الديمقراطية في العمل السياسي. ففي بلدة درعون – حريصا، تردد أن بعض المتمولين في المنطقة اتفقوا فيما بينهم على تشكيل لائحة انتخابية، من دون الأخذ برأي العدد الأكبر من أبناء العائلة. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل نُقل عن بعض المؤيدين الأساسيين لهذه اللائحة كلامٌ يفيد بأن لديهم القدرة على “تسيير بقية العائلات بالصف”، على حد تعبيرهم.
هذا الواقع دفع العديد من أبناء البلدة إلى الانتفاض ورفض هذه التصريحات، التي لا تمثل إلا أصحابها، فتم تشكيل لائحة مقابلة، تعبيرًا واضحًا عن رفضهم الخضوع لسطوة المال والنفوذ. وهكذا دخلوا السباق الانتخابي من باب الإيمان بأن بلدتي “درعون وحريصا للكل وليست حكرًا على أحد”.
وبما أن طابع الانتخابات في درعون وحريصا عائلي بامتياز، حيث تضم اللائحتان مرشحين من مختلف الانتماءات، كان من الطبيعي أن تكون المنافسة شريفة بين أبناء البلدة الواحدة. غير أن مصادر متابعة للعملية الانتخابية أفادت أن اللائحة المدعومة من بعض المتمولين، وعند شعورها بخطر الخسارة، لجأت إلى أساليب وُصفت بالملتوية، في محاولة للتأثير على مجريات الانتخابات. وقد قيل إن مبالغ مالية وصلت إلى آلاف الدولارات عُرضت على بعض المرشحين المنافسين، لدفعهم إلى الانسحاب بعد إقفال باب الترشح، حيث يصبح الانسحاب غير قابل للتعويض. إلا أن جميع هذه المحاولات، وفق ما أفادت المصادر نفسها، باءت بالفشل، لأن الكرامة، كما عبّر أبناء اللائحة المنافسة، لا تُشترى بالمال.
ويبقى السؤال المطروح اليوم: إلى متى ستبقى الانتخابات في وطننا عرضة للتزوير والتحوير بفعل المال الانتخابي؟