شبح الموت يخيّم فوق بيروت وجبل لبنان
خاص – موقع الملفات
هو سمّ من “نوع آخر”، غزا محافظتي بيروت وجبل لبنان، تفوق مخاطره جميع أصناف المواد المخدّرة من بينهم الهيروين، ويُعد الأكثر تداولاً في أسواق المخدّرات والأكثر استخداماً في أوساط المدمنين، وما يزيد من خطورته شحّ المعلومات حوله في أوساط الرأي العام، لاسيما أنه أصبح متسبباً رئيسياً في جرائم اغتصاب وقتل وانتحار ويحمل من مقومات التدمير ما يكفي لتدمير أمة بكاملها.
“الكريستال ميث”.. كَثُرَت في الآونة الأخيرة ظاهرة تعاطي هذه المادة التي تشكل خطراً يتربّص بالمقبلين عليها. الأوامر أعطيت للعمل على مكافحة هذه الظاهرة التي انتشرت بصورة مُفاجئة ومُباغتة إبّان الأزمة الاقتصادية المالية التي عصفت بلبنان وأوقعت في شراكها آلاف الشباب الذين أصبحوا بغمضة عين مدمنين عليها.
وها هي اليوم تغزو مختلف المناطق اللبنانية، إذ بات من المستحيل أن تخلو حقيبة أي تاجر أو مروّج من “الكريستال” نظراً للطلب الكبير عليها والمتزايد، مع العلم أن تسجيل أي تعاطي فيها قبل تلك الفترة كان يتم بصورة سريّة لدى مجتمعٍ معين وفي عالم الليل تحديداً. وحتى تكتمل الصورة للرأي العام حول “ما هو الكريستال ميث؟”، موقع “الملفات” ينشر تحقيقاً مفصّلاً عنه في السطور أدناه.
مخدر الهلاك
“الكريستال ميث”، مخدّر مدمّر يقود إلى الهاوية، ويُعتبر من أنواع المخدرات الخطيرة جداً، فهو أسوأ من السمّ نفسه، يدمنه الشخص بعد تعاطيه لمرة أو اثنين، وهو مسبّب للإدمان ثلاثة أضعاف الكوكايين، على سبيل المثال. وفي معظم الحالات لا رجعة فيه، إذ يعود حوالي 90% من المدمنين إلى استخدامه بعد المشاركة في برامج إعادة التأهيل.
يشبه حُبيبات الكريستال، قطع الجليد، بلورات الزجاج والسكر، ويُعرف بالمخدر الاصطناعي ( من المخدرات الصناعية المنشأ ) كونه مكوّن من مجموعة مواد خالية من المواد الطبيعية، ومن أهمها الميثامفيتامين – مادة شديدة التخدير والإدمان، تدخل ضمن مواد الأمفيتامينات المنشّطة، التي تزيد من نشاط بعض الناقلات العصبية “دوباين، نورأدرينالين، سيروتونين” في الدماغ، وهو بذلك لا يشبه المواد المخدرة الأخرى التي يتم استخراجها من النباتات.
لهذا المخدر تسميات عديدة أبرزها :”آيس، تينا، تيك يابا، وكراك مات، والشبو” في شرق آسيا، إلا أنه عُرف وانتشر بـ”الكريستال” نظراً للشبه الكبير بين بلوراتها والزجاج. يتنوّع مظهره أو شكله، فهو يأتي بثلاثة أشكال: بودرة، كبسولات أو حبوب، ويتم تعاطيه عن طريق البلع أو الشم، استنشاق دخانه بعد إحراقه، أو عبر حقنه بالوريد.
يغزو بيروت وجبل لبنان
يُعد تصنيع “الكريستال ميث” سهل للغاية ومُتيسّر لدرجة أنه قد يُحضر في المنازل أو في معامل تصنيع المخدرات المنتشرة في البقاع، إذ يجري التصنيع هناك وتحديداً في المناطق الحدودية، أما خطوط النقل فهي من البقاع الشمالي مكان التصنيع إلى محافظتي بيروت وجبل لبنان للاستهلاك، وفقاً لما يُؤكده مصدر أمني لموقع “الملفات”.
وبحسب المصدر، يتم الاستعانة في عملية تصنيعه بأدوية مخدّرة وتركيبات كيمائية، لا سيما أن المواد الأولية التي يُصنّع منها الأمفيتامين هي المواد عينها التي يُصنّع منها “الكبتاغون” ويُضاف إليها البنزين والكبريت والأسيتون، وفي معظم الأحيان يتم إدخال هذه المواد بطريقة غير شرعية من سوريا.
يبلغ سعر الغرام الواحد 600 إلى 800 ألف ليرة لبنانية، قابل للارتفاع مع ارتفاع سعر الدولار، بالتالي سعره المتدني جداً مقارنةً بالأصناف الأخرى غالية الثمن يجعله في متناول الجميع أو إذا صحّ القول بديلاً عنها، حتى أُطلق عليه مخدّر الشوارع، فمن كان يتعاطى قبل الأزمة الكوكايين أو الـ”أكس تي سي” استبدلها بالكريستال.
ويكشف المصدر، في سياق حديثه، عن أن هذه التجارة لا تعرف حدوداً داخلية أو خارجية، فهناك رواج مخيف لها في سائر المناطق اللبنانية، وإلى جانب ذلك هناك شحنات عابرة للحدود، وتحديداً إلى الدول الشقيقة، تتولى مهمة تهريبها شبكات منظّمة تحاول جاهدةً إدخال هذه الشحنات بين الفترة والأخرى.
واللافت بحسب الأخير، أنه ليس هناك تاجر مُحتكر لها على غرار الكوكايين والهيروين، أو أقله لم يتمكّن المعنيين حتى الساعة من التوصّل إلى تحديد هويته، إذ لا يزال مُتلطياً خلف العديد من التجار.
موت محتّم
هذا الجزء من النقاش مع أحد المتخصّصين، حول “الكريستال ميث” ومكوناته التي تسبب أضراراً مختلفة في الأوعية الدموية والدماغ وتفضي إلى تحطيم الشخصية أو انفصامها، يقودنا إلى محاولة معرفة أضرار إدمانه ونقلها إلى الآخرين، إيماناً منا أن التوعية أساس للحدّ من مخاطره.
وبحسب الشرح المفصل للأخير يتضح لنا التالي:
جرعة منخفضة من الكريستال، كفيلة أن تتسبّب في زيادة شعور اليقظة والانتباه والتغلّب على الإرهاق لدى المدمن، فمن أعراضها التنشيطية أنها تمنح المتعاطي في بدايتها شعوراً بالبهجة والطاقة والنشاط، أما الجرعة العالية فتسبّب بشكل مباشر حالة من الهوس والنشوة، وفي الحالتين لا مفرّ من أن يصبح الإنسان أسيراً لها.
أما عن علامات إدمان الكريستال والتي قد تساعد ذوي المدمن في اكتشافها أو التنبّه لها، يُشير إلى أنه لا بد من لفت النظر أولاً إلى أن متعاطي هذا المخدر دائماً في عصبية زائدة وحالة هستيرية سلوكية، ما قد يدفعه لارتكاب شتى أنواع الجرائم كالضرب والاعتداء حتى القتل سواء كان أحد المقربين له أو حتى قتل نفسه، لما يخلّفه بداخله من سلوك عدوانيّ رهيب، وتقلّب في المزاج فينتقل من الكآبة إلى السعادة ومن الغضب إلى الهدوء في دقائق معدودة.
ثانيًا، الشعور بالنفور من الطعام أو الغثيان من فكرة تناوله حالة شبه دائمة لديه، يُقابلها القدرة على الاستيقاظ لأيام كاملة من دون أن يغمض له جفن كونه يتعاطى المخدر الأقوى في قتل القدرة على النوم، ويمكن أن يستغرق مفعوله لمدة 20 دقيقة، وقد يمتد إلى 12 ساعة بحسب الجرعة المتناولة وبمجرد انتهاء مفعول هذا المخدر يحدث عدم توازن لدى متعاطيها وعدم قدرة على التركيز.
ثالثًا، يتحوّل متعاطي الكريستال خلال سنوات قلائل أو حتى شهور من شاب إلى عجوز هرم، إذ تظهر عليه علامات الشيخوخة الحقيقية من تساقط الشعر وجفاف البشرة وتساقط الأسنان فضلاً عن إصابته بضعف جسدي يلاحظه أيًّا كان.
رابعًا، يخلق هذا المخدّر تأثير “الإثارة الجنسية” ويسبب يقظة مفرطة، ممّا يخوّل متعاطيه ممارسة الجنس بما يفوق طاقة أي شخص آخر لساعات وأيام، الأمر الذي قد يؤدي إلى جرائم اغتصاب أو يعرض الشخص للإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً وفيروس نقص المناعة البشرية .
ناهيك عن أضراره المتعدّدة التي ذكرت أعلاه، يبقى التأثير المباشر على القلب أكثرها خطورة والتي قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى الموت المفاجئ.
إذاً، للجهل ﻋﻮﺍقب ﻭﺧﻴﻤﺔ غير ﻣﺘﻮﻗﱠﻌﺔ، ومُكلِفة في معظم الأحيان، خاصةّ عندما يتعلّق الأمر بموادٍ شديدة الفتك باستطاعتها أن تحوّل أسيرها إلى هيكل عظمي وتأخذه في طريق نهايته إلى الكفن. لذا تفادياً للموت المحتّم لا تسمحوا لأي شخص في لحظة عمياء بإقناعكم بتعاطي “الكريستال” أو غيرها بالطبع!
المصدر : خاص الملفات