رميش ترد على رواية الحزب!
لم تركد مياه أزمة رميش بعد ولو أنّ الاتصالات اللّازمة ما زالت مستمرة. وقد ازدادت الحادثة تعقيدًا بعد البيان الصباحي الذي أصدره حزب الله اليوم الأربعاء نافيًا استخدام البلدة ومحيط منازلها لإطلاق الصواريخ. ولم يكتفِ حزب الله بالنفي بل تخطاه مهاجمًا كلّ من قدم رواية مغايرة وواضعًا تهمة التآمر مع العدو الإسرائيلي في الواجهة حيث قال في بيانه عن من تناول الخبر إنها:” جهات مفترية ومحرّضة على الفتنة بين اللّبنانيين وتعمل في خدمة العدو وأهدافه”.
بيان حزب الله لم تهضمه مرجعيات وفعاليات بلدة رميش التي استغربت النفي، وعادت لتذكر ما قاله كاهن الرعية أمس الأب كميل العميل مقدمةً مزيدًا من التفاصيل.
المرجعية التي تم التواصل معها أصرّت على عدم ذكر اسمها أو الكشف عن هويتها، لكنها لفتت إلى أنّ الإشكال بدأ بعدما رصد شخص من أهل البلدة سيارة “جيب” وأخرى زجاجها داكن بعدما توقفت قرب ثانوية رميش وتحديدًا قرب مبنى الندوة الثقافية حيث ما زال منزلًا قيد الإنشاء متروكًا. ويكمل قائلًا:” رصد الرجل المجموعة وهي تحضر منصة صواريخ كورنيت لإطلاقها من بين المنازل وحين طلب منها المغادرة حصل تلاسن تطور إلى إطلاق رصاصة فوق رأس الرجل ومحاولة سلبه هاتفه لأنه حاول توثيق ما يحصل. بعدها انتقل الشاب إلى ساحة الكنيسة ودق أجراسها وانتقل مع كاهن صودف تواجده إلى النقطة المذكورة لكن المجموعة كانت قد غادرت”.
لا ينتهي السرد عند هذه النقطة، لأنّ المرجعية تشير إلى أنّ الاتصالات أجريت مع الجيش اللّبناني فحضر وبعدها عرف الأهالي أنّ المجموعة لم تغادر البلدة بل انتقلت إلى نقطة أخرى مأهولة أيضًا وأطلقت منها صاروخين. وتسأل المرجعية:” كيف ينفي حزب الله في بيانه عملية كان قد أصدر بها بيانًا يوم أمس معلنًا استهداف ثكنة للعدو؟ ولماذا؟”.
توتر بدأ مع أحد الشعانين
من يتابع الأوضاع في الجنوب يلحظ أنّ التوتر في بلدة رميش بدأت مؤشراته تظهر على إثر انتشار فيديوهات لاحتفال البلدة بأحد الشعانين. وتقول المرجعية إنّ حزب الله لم ينزعج على المستوى الرسمي بل إنّ جزءًا من بيئة حزب الله انزعج من الاحتفال بمناسبة دينية على اعتبار أنّ الجنوب يقدم الشهداء، فيما اعتبر أهالي رميش أحد الشعانين مناسبة مقدسة لا يمكن تجاوزها رغم الظروف الصعبة ولذلك توافدوا من بيروت لممارسة شعائرهم الدينية.
في هذا الإطار، تعلّق المرجعية في حديثها، بالقول: لم يكن هدفنا إزعاج أي جهة وما حصل يحصل دومًا ومحيطنا الشيعي يهنئنا أصلًا بالأعياد ونحن نبادله المعايدات أيضًا. مشيرة إلى أنّ التعليقات السلبية كانت على مواقع التواصل الاجتماعي من جماعات لم تختبر تعايش أهل رميش مع محيطها فاتهمتنا بأننا عملاء وأنّ رميش بلدة أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي. فيما الواقع أننا لا نريد الحرب ونحن أبناء الحياة وثقافتنا ثقافة حياة، لكنّ ذلك لا يعني أننا نريد إسرائيل.
إشكال رميش والحزب: التيار الوطني الحر هو الحكم
وتعود المرجعية إلى إشكال يوم أمس لتشدد على صحة ما حصل، وتقول: نحن لا نحبك قصصًا غير واقعية، ما وقع وقع فعلًا.
وفي حين تحاول بعض جمعات حزب الله اتهام القوات اللّبنانية والكتائب بالوقوف وراء ما حصل وافتعال المشاكل، يستنجد المصدر بالبيان الصادر عن التيار الوطني الحرّ حليف حزب الله الذي قال:” نحن هنا لنؤكد أن هذه القضية لا تحمل أي جانب سياسي، بل هي قضية وجودية بحتة تتجمع حولها كافة المكونات السياسية والرسمية للبلدة، بما في ذلك بلدية رميش التي طالما أصدرت بيانات تحذر من استباحة أحياء رميش السكنية، معلنين أننا ضد إسرائيل ولا نمانع في استخدام أراضينا المحاذية للحدود مع العدو. لكن أحياءنا السكنية خط أحمر”.
أعداء للحرب لا الشيعة
توتر الأرض انعكس على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بدا بعد حادثة رميش أنّ السلم الأهلي يرمش سيما بعد تهديدات مبطنة تُركت على فيديوهات نشرها أهل البلدة لسيارات تابعة لحزب الله وهي تغادر المنطقة. وعاد إلى الواجهة تعليق “إذا مش عاجبكم هاجروا” وتعداد البلدات التي على أهالي البلدة سلوكها قبل الوصول إلى رميش.
وفي هذا الإطار، نلتمس عتبًا في رميش على المرجعيات الدينية وبكركي في الدرجة الأولى وعلى الأحزاب المسيحية.
وتقول المرجعية إنّ أهالي رميش بلا غطاء ولم تبادر أي جهة باستثناء السفارة البابوية إلى دعم أهالي هذه البلدة. وتشدد المرجعية على أنّ تضامن الأحزاب لا يكون بالبيانات والمناشير على مواقع التواصل الاجتماعي بل بتشكيل وفود والوقوف إلى جانب أهل البلدة وزيارتها سيما أنها ما زالت صامدة ومنازلها كلّها مفتوحة و١٢٠٠ عائلة كلّها ثابتة في الأرض.
وتشير المرجعية نفسها إلى أنّ رميش ما زالت ثابتة منذ مئات السنوات ومنفتحة على محيطها إلّا أنّ خطاب الكراهية والتخوين الذي تواجهه اليوم لم تعرفه قبل دخول لعبة السياسة والانقسامات إلى الحياة الاجتماعية، مشددةً على أنّ رميش لن تشهد طلاقًا مع محيطها لكن على محيطها أن يتفهم وضعها. وخلصت إلى القول: “نحن مش أعداء الشيعة نحن أعداء الحرب”.
إلى ذلك، علم أنّ السفير البابوي في لبنان باولو بورجيا أجرى اتصالات مكثفة طيلة يوم أمس ومن المرتقب أن تلتمس رميش مفاعيلها بدءًا من اليوم.
يذكر أن العلاقات الاعلامية في “حزب الله” قد نفت في بيان، “نفياً قاطعاً الاخبار الكاذبة والمغرضة التي تم تداولها في وسائل الاعلام عن محاولة مجاهدي المقاومة الاسلامية إطلاق صواريخ على العدو الصهيوني من داخل بلدة رميش أو من جوار مدرستها أو من جوار البلدة عموماً، وهي أخبار كاذبة وملفقة لا أساس لها من الصحة على الاطلاق”.
وشددت على أن “الجهات التي أصرت وتصر على إطلاق هذه الاشاعات الكاذبة واتخاذ المواقف على أساسها، هي جهات مفترية ومحرضة على الفتنة بين اللبنانيين وتعمل في خدمة العدو وأهدافه، من حيث تعلم أو لا تعلم، محذرين اللبنانيين منها ومن مساعيها الخبيثة وأهدافها البغيضة”.
المصدر : ايفانا الخوري – السياسة