حزب الله: لن نقبل أن نكون ضعفاء!

أشار الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، مساء يوم الإثنين، إلى أن الحديث عن الانتخابات البلدية يجب أن يرتكز على معطيات سياسية معينة تساهم في إنجاز هذا الاستحقاق بشكل صحيح، بما يخدم بناء الدولة ويؤدي إلى نهضة لبنان عبر العملية الانتخابية. ودعا إلى المشاركة الواسعة والإقبال الكثيف في الانتخابات البلدية والاختيارية، معتبرًا أن هذه المشاركة تشكل مدخلًا أساسيًا لتنمية البلد وتحمل المسؤولية الوطنية.
وفي حديثه، شدد الشيخ قاسم على أن لبنان بحاجة إلى مجموعة من الأولويات لتحقيق النهضة والاستقرار وتلبية احتياجات الناس، موضحًا أن هذه الأولويات تتطلب تعاون الدولة والشعب وجميع الأطراف المعنية.
وأكد أن الأولوية الأولى هي وقف العدوان الإسرائيلي، وانسحاب الاحتلال من الجنوب، والإفراج عن الأسرى، معتبرًا أن لا أولوية تتقدم على هذه المسألة، مضيفًا: “إذا كان البلد معرضًا للعدوان ولم تنسحب إسرائيل من الجنوب، فكيف يمكن أن نبنيه في ظل الضغوط المتواصلة؟”.
ولفت قاسم إلى وجود اتفاق لوقف إطلاق النار بدأ تنفيذه في 26 تشرين الثاني 2024 بين لبنان والكيان الإسرائيلي بشكل غير مباشر. وأوضح أن حزب الله والمقاومة الإسلامية التزما بكل مندرجات الاتفاق ومكّنا الدولة اللبنانية من نشر الجيش جنوب نهر الليطاني من دون تسجيل أي خرق، وهو أمر تشهد به مختلف الأطراف الدولية. بالمقابل، أشار إلى أن إسرائيل خرقت الاتفاق أكثر من 3000 مرة، وهو رقم كبير لا يمكن تحمله، مذكّرًا بأن فرنسا أقرّت بهذه الخروقات فيما تغطيها الولايات المتحدة وتبررها.
وسأل قاسم: “كيف نواجه الخروقات الإسرائيلية المستمرة؟”، مشددًا على أن حزب الله سلّم الدولة اللبنانية مهمة التفاوض والتحرك عبر الجيش والمؤسسات الرسمية، لكنه رأى أن الضغط الذي مارسته الدولة حتى الآن لا يرتقي إلى المستوى المطلوب. وطالب بتحركات دبلوماسية أكثر فاعلية عبر استدعاء سفراء الدول الكبرى، والشكوى اليومية إلى مجلس الأمن، ورفع الصوت أمام السفيرة الأميركية، محذرًا من أن بقاء التحركات خجولة لا يخدم الاستقرار ولا يحمي لبنان.
وتوقف قاسم عند الاعتداء الإسرائيلي الأخير على الضاحية الجنوبية، واصفًا إياه بأنه اعتداء سياسي يهدف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، وتم بإذن مباشر من الولايات المتحدة، على حد تعبيره. وأشار إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية تشمل قتل مدنيين وتدمير ممتلكات، داعيًا الدولة اللبنانية إلى رفع الصوت بشكل أكبر، ومواصلة الضغط والتحرك الدبلوماسي يوميًا من أجل وقف العدوان، مؤكدًا أن الاستقرار وحده يحقق المصالح المشتركة.
وأكد أن لبنان يجب أن يكون قويًا وسيبقى قويًا بفضل مقاومته وشعبه وجيشه، مشددًا على أن الأميركيين سيتعاملون مع لبنان بشكل مختلف عندما يرون صموده وقوته. وقال: “نصبر اليوم، ولكن النتيجة ستكون لصالحنا لأن شعبنا لا مثيل له”، مشيدًا بتضحيات الأمهات والأهالي وإصرارهم على مواصلة المقاومة من أجل التحرير والكرامة.
في سياق آخر، أشار قاسم إلى أن الأولوية الثانية هي البدء بإعادة الإعمار، متسائلًا عن سبب تأخر الحكومة في هذا الملف رغم ارتباطه بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. وقال إن التأخر في الإعمار يضر بالاقتصاد والتنمية ويؤدي إلى تمييز بين اللبنانيين، مشيرًا إلى أن المقاومة تكفلت حتى الآن بملف الإيواء والترميم، وهو جهد فريد على مستوى حركات المقاومة في العالم. وشكر إيران، شعبًا وقيادة، على الدعم الذي قدمته في هذا الإطار، مشددًا على ضرورة التعاون الوطني الشامل لإنجاز ملف الإعمار.
أما الأولوية الثالثة، بحسب قاسم، فهي بناء الدولة. وأكد التزام حزب الله بهذا المسار عبر انتخاب الرئيس جوزاف عون، المشاركة في تأليف الحكومة ومنحها الثقة، والمساهمة في إقرار القوانين والتعيينات الإدارية، معتبرًا أن كل الأولويات يجب أن تسير بالتوازي دون الانشغال بمهاترات جانبية. وأكد أن دعاة الفتنة بين الجيش والمقاومة لن ينجحوا، داعيًا إلى دعم رئيس الجمهورية في عملية الإعمار وإكمال مسار تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي.
وفي ملف الانتخابات البلدية، دعا قاسم إلى الحرص على وحدة القرية والمدينة، وتعزيز أجواء التآلف والتعاون بين الجميع. وأوضح أن حزب الله وحركة أمل عقدا اتفاقًا لتشكيل مجالس بلدية متجانسة تضم مختلف العائلات والتيارات السياسية بما يحقق التمثيل الشعبي ويعزز التنمية المحلية. وشدد على أهمية إشراك العشائر والقوى السياسية حيث أمكن، مع التركيز على اختيار شخصيات تتمتع بالكفاءة والمقبولية الشعبية بعيدًا عن النكايات والانقسامات، مؤكّدًا أن الاهتمام بالشأن العام وإدارة المال العام بروح جماعية هو الهدف الأساس.
وختم الشيخ قاسم بالدعوة مجددًا إلى المشاركة الكثيفة في الانتخابات البلدية والاختيارية، معتبرًا أن ذلك يشكل ركيزة أساسية لتنمية البلد وتعزيز المشاركة الشعبية وتحمل المسؤولية الوطنية.
المصدر : الملفات