تفاصيل قضية الناشطات الثلاث والـ MTV.. “دماؤنا تُهدر”
في زمن الحروب والصراعات، لا تقتصر المعارك على ميادين القتال، بل تمتد إلى ساحات أخرى أكثر تعقيدًا، أبرزها العالم الافتراضي. خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان، شهد الفضاء الرقمي تصعيدًا ملحوظًا وخطيرًا في الخطاب العام، خطاب الكراهية والتحريض، حيث وُجهت الاتهامات بشكل جزافي لكل من يخالف السرديات السائدة. كما برزت حملات تخوين واتهامات بالعمالة طالت العديد من الأفراد، ما جعل وسائل التواصل الاجتماعي ساحة جديدة لحروب غير تقليدية تهدف في كثير من الأحيان إلى تكميم الأفواه وإضعاف الرأي، سواء أكان مؤيدًا أو معارضًا.
القضية الأخيرة لا تتعلق فقط بخلاف حول رأي أو تغريدة، بل تعكس أبعادًا أعمق في الانقسام داخل لبنان بين المؤيدين والمعارضين، بحيث أصبح التعبير عن الرأي ساحة جديدة للترهيب والتخوين في بلد يفاخر بديمقراطيته.
تفاصيل القضية
أُفرج عن ثلاث ناشطات على وسائل التواصل الاجتماعي وهنّ الإعلامية سحر غدار، والناشطتان غنى غندور وإفلين مهوس، المعروفات بمواقفهن المؤيدة لحزب الله. جاء الإفراج بعد استدعائهن إلى قصر العدل من قبل مكتب جرائم المعلوماتية على خلفية نشرهن مقاطع فيديو تنتقد السياسة الإعلامية لقناة “إم تي في” اللبنانية أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان. وقد رفعت القناة دعوى قضائية ضدهن، ما أدى إلى استجوابهن مساء الاثنين.
تزامن الاستجواب مع تجمع احتجاجي في محيط قصر العدل، حيث شهد المكان توترًا وتلاسنًا بين القوى الأمنية والنائب إبراهيم الموسوي، الذي صرح قائلًا: “تواصلنا مع القاضي حجار ووزير العدل والقاضي رجا حاموش، والأمور إيجابية. لن نغادر إلا برفقة جميع الموقوفات”.
من جهته، كتب النائب حسن فضل الله منشورًا قال فيه: “محاولة إسكات الأصوات الحرة ومنع التعبير عن الرأي جريمة موصوفة أقدم عليها أحد القضاة، ظنًا أن قراره المنحاز يمكن أن يمر دون اعتراض”.
وكان المحامي العام الاستئنافي في بيروت، القاضي رجا حاموش، قد باشر التحقيق في الدعاوى المقدمة من قناة “إم تي في” ضد مسؤول في حزب الله وبعض الناشطين. وأمر بتوقيف الناشطات الثلاث بعد رفضهن التوقيع على تعهد بعدم التعرض للقناة وإزالة المنشورات، مع التأكيد على حقهن في النقد.
في المقابل، أكدت قناة “إم تي في” أن الدعاوى المرفوعة لا تهدف إلى قمع الحريات، بل تسعى لحماية موظفيها من التحريض والتهديدات التي تعرضوا لها. وأشارت إلى أنها كانت وستظل مدافعة عن حرية التعبير، وهي تفتح هواءها دوماً لمختلف الآراء.
وأضافت :”إلا أنّ بعض الناشطين و”الفاشينيستاز”، الذين حرّك معظمهم مسؤولٌ في حزب الله، حرّضوا ضدّ موظفين في المحطة وأهدروا دماءهم عبر إلصاق تهمٍ بهم من دون الاستناد الى أيّ دليل”. ورأت المحطة أنّ “القضاء هو الملجأ لينال كلّ صاحب حقّ حقّه، ولذلك لجأت الى رفع الدعاوى لوقف مسلسل الافتراءات بحقّها وبحقّ الإعلاميّين فيها، خصوصاً أنّها تعرّضهم للخطر”.
يُذكر أن العديد من الدعوات قد صدرت للتجمع أمام قصر العدل تضامنًا مع الموقوفات، فيما أصدرت نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع بيانًا استنكرت فيه توقيف الصحافيين والمؤثرين بسبب التعبير عن آرائهم. وأكدت النقابة أن محكمة المطبوعات هي الجهة المختصة بمثل هذه القضايا، مطالبة بالإفراج الفوري عن الموقوفات، ومشددة على ضرورة احترام القانون وضمان عدم معاملة الصحافيين كمرتكبي جرائم، وبالتالي لا يمثل أمام الضابطة العدلية بل أمام القضاء المختص وبحضور محام. ختاماِ إن نقابتنا تتابع هذه القضية حتى احترام القانون”.
المصدر : الملفات