December 23, 2024

المعارضة على سقفها المرتفع

بعد ان غادر وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان لبنان على وقع مواقف أطلقها تؤكد ان “رئاسة الجمهورية شأن لبناني وعلى القوى الداخلية التفاهم في ما بينها على رئيس، وستكون طهران في موقع الداعم لهذا الاتفاق”، لم يبدّل هذا الكلام في المراوحة السلبية في الداخل حتى الساعة… الا ان التعويل هو على ان يكون الدبلوماسيُ الايراني، تحدّث بلغةٍ اكثر وضوحا خلف الابواب المغلقة في اللقاءات التي عقدها، وخاصة خلال لقائه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، داعيا اياه الى “النزول عن شجرة” دعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وفتح باب التسوية ربطا بمقتضيات اتفاق بكين. اما اذا لم تطلب طهران من الحزب ذلك، فإن الشغور سيستمر وسيبقى سيّدا على بعبدا لأجَل غير مسمى، بما ان القوى المعارِضة للمنظومة ومرشّحها، على مختلف مكوّناتها، مصرةٌ على رفض انتخاب مرشّح “الممانعة”، ايا يكن موقف فرنسا او السعودية او سواهما مِن القوى الخارجية، علما ان سفير المملكة وليد البخاري الذي عاد الى بيروت، يُفترض ان يجول على عدد من الاطراف السياسيين في قابل الايام.  

وفي انتظار ظهور حقيقة ما نقله عبداللهيان الى حلفائه، والتي ستؤشر اليها حركةُ الثنائي الشيعي والمواقفُ المرتقبة لقياداته، حافظت المعارضة على سقفها عاليا في منع انتخاب رئيسٍ طرف والتصدي لاي تسوية لا تناسبها، وإن هي حتى الساعة لم تتفق على مرشّح موحّد، الا انها لا تبدو بعيدة من ذلك. اليوم، اعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء السابق عضو تكتل الجمهورية القوية النائب غسان حاصباني ان “الاتفاق على عدم ايصال سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية هذا بذاته بحجم الاتفاق على استقلال لبنان”.. واكد أن “ليس المطلوب التفاهم على رئيس للجمهورية بل انتخاب رئيس وفق منطق الديمقراطية”، مشدّداً على أن “عقد جلسات للانتخاب ليس عملية انتقائية وأي جلسة معلّبة مسبقاً لإنتخاب رئيس محدد هي التفاف على الدستور” حاصباني الذي أعرب في حديث متلفز عن خشيته من أن تؤدي كثرة المبادرات الرئاسية غير المنظّمة الى نتائج عكسية، رأى أنه “اذا لن يفتح مجلس النواب أبوابه إلا متى توفرت الجهوزية لانتخاب رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجية، فهذا يعني ان الخلل كبير والامر يعكس تضارباً في المصالح بين دور رئاسة مجلس نواب ودور طرف ضمن فريق في آن”. ورداً على سؤال عن الإصرار على وجود مرشح جدي منافس لفرنجية من أجل الدعوة الى جسلة، أجاب “نحن لا نلعب “فتة ورق” ليطالبنا الفريق الآخر بطرح أسماء. ليفتحوا مجلس النواب وحينها سيكون للمعارضة مرشح، فلدينا مروحة أسماء ونملك رؤية للمرحلة”. واكد ان “الرياض لا تتدخل في الاسماء وسترى على مَن يتّفق اللبنانيون ومَن سينتخبون رئيسا، وستحكم على اداء هذا الرئيس، فإذا رأت انه يلاقي تتطلعاته، ستساعد لبنان، وإلا فانها لن تفعل“.

بدوره، دعا النائب ملحم خلف في حديث اذاعي “النواب المؤتمنين على الدستور إلى المسارعة لانتخاب رئيس للجمهورية، فالمسؤولية تقع على الـ128 نائبا”، رافضا معادلة “الرضوخ للخارج“.

كما ان الثنائي، ومع تمسّكه بفرنجية، لا يزال يكرر الدعوات الى الحوار للخروج من الفراغ. غير ان “لهجة” رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في الساعات الماضية، حملت جديدا لناحية دعوته الى “التنازل”.. فهل هذا التنازل يشمله؟ وهل تؤسس لُغةُ رعد لتبدّلٍ مُقبل في أداء الحزب، سيُسهم في تسوية فعليّة تسمح بإنجاز الانتخابات؟ فقد رأى أن “لا سبيل لإنجاز الإستحقاق الرئاسي إلا بتفاهم الجميع”. وقال: نحن دعمنا مرشحا للرئاسة لكن لم نغلق الأبواب، ودعونا الآخرين وحثيناهم من أجل أن يطرحوا مرشحهم وقلنا تعالوا لنتباحث لكن ثمة من ينكر علينا الحق في أن ندعم مرشحا للرئاسة ويريد أن يفرض الرئيس الذي يريد ويتهم الآخرين بأنهم يحاولون فرض الرئيس الذي يريدون”. اضاف: إذا فكرنا بطريقة سليمة وبطريقة تتجاوز مصالحنا الخاصة وأنانياتنا وحزبياتنا لنفكر بالصالح العام والمصلحة الوطنية نستطيع أن نتفاهم، والتفاهم يحتاج إلى تنازلات، لكن مرة واحد يتنازل بما يمكن التنازل به ومرة واحد يريد أن يتنازل عن مستقبل الوطن وعن سيادة الوطن وهذا غير مقبول. التنازل من حسابنا وليس من حساب الوطن، وهذا ما ندعو إليه ونأمل به ونحاول من خلال اتصالاتنا ولقاءاتنا أن نحفز اللبنانيين على اختلاف فئاتهم وطوائهم لكي ننجز هذا الإستحقاق الذي هو المدخل الإلزامي لإعادة بناء الدولة وإصلاح ما تم التفريط به خلال السنوات الماضية“.

في الاثناء، ترصد العيون ايضا ما يمكن ان تحمله حركة المشاورات التي بدأها نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب امس وقد استهلها بزيارة النائب محمد رعد، وسيستكملها الاسبوع الطالع. ووفق المصادر، مهمّة الرجل تبدو لملء الوقت الضائع، لا اكثر، الا ان هدفها قد يكون ايضا التقريب بين مكوّنات 8 آذار وتحديدا بين حزب الله والتيار الوطني الحر لمحاولة التوفيق بينهما بما ان اقتناع اي منهما بوجهة نظر الآخر، سيحلّ المشكلة الرئاسية حضورا ونصابا وميثاقية وانتخابا… على اي حال، يلقي رئيس التيار النائب جبران باسيل كلمة عند الثانية عشرة والنصف من بعد ظهر غد الاحد خلال لقاء شعبي في جزين، ستساهم في تحديدٍ أوضح لتموضعاته في المرحلة المقبلة.

المصدر : المركزيّة