December 23, 2024

السلاح التركي وعمليات التهريب: دور التجار والسائقين.. التفاصيل والمعطيات الكاملة

خاص “الملفات”- محمد علوش

 في أذار من العام الماضي تم توقيف تاجر أسلحة الصيد والألبسة العسكرية في الشمال خ.ي، الذي كان ملكاً على مملكة تجارة السلاح التركي الذي غزا السوق اللبناني بسبب ثمنه المنخفض، واليوم، بعد عام ونيّف، يعود ملف هذا السلاح الى الواجهة من جديد.
لن نكرر كيف ساهمت الصدفة باكتشاف حمولة المسدسات التركية الأخيرة في البترون، وما قامت به مخابرات الجيش اللبناني من تفتيش للشاحنات التي وصلت على نفس العبارة الى مرفأ طرابلس، ولكن سنذهب أبعد من خلال الحديث عن كيفية تهريب السلاح التركي الى لبنان، علماً أن مصادر خاصة في الجيش اللبناني تؤكد عبر “الملفات” أن المخابرات تتابع ملف السلاح التركي منذ فترة، خاصة بعدما تبين على سبيل المثال أن التوقيفات التي حصلت في فرع مخابرات الشمال لمفتعلي المشاكل خلال الفترة الماضية أظهرت انتشار المسدس التركي المحوّر بشكل واسع. 
 
قواعد التجارة تغيّرت 
عندما كان خ. ي، الذي للمناسبة خرج من السجن بعد أشهر قليلة فقط من توقيفه بالجرم المشهود، يسيطر على استيراد المسدسات التركية المصنوعة “للتمثيل”، كان يعتمد على أمرين أساسيين، الأمر الأول تاجر سلاح سوري يعيش في تركيا، هو من يشتري المسدسات ويسلمها الى خ.ي في تركيا، والأمر الثاني مسار تهريب برّي من تركيا الى لبنان عبر سوريا، ولكن بعد توقيفه تبدلت الظروف. كان خ.ي يشتري المسدس من تركيا بمبلغ زهيد لا يتعدى الـ 50 دولار أميركي، ويبيعه بالجملة في لبنان الى تجار السلاح بمبلغ ما بين 120 و150 دولاراً للمسدس، دون تعديله وخراطته، ليباع بعدها بالسوق بعد خراطته بمبلغ ما بين 280 و300 دولار أميركي كحدّ أقصى علماً أن بعض الأنواع “الخفيفة” كانت بأسعار أقل، ولكن بحسب ما تقول مصادر أمنية متابعة للملف لـ”الملفات”، فإنه بعد توقيف التاجر الأساسي في لبنان تغيرت قواعد اللعبة إذ أصبح التاجر السوري في تركيا هو المصدّر الأساسي الى لبنان، وأصبحت تعاملاته مباشرة مع تجار السلاح في لبنان، وبات يعتمد على البحر بشكل أساسي للتهريب لا على البرّ.
التوضيب بتركيا
في تركيا يشتري التاجر المسدسات، ويتفق مع سائقي الشاحنات القادمة الى لبنان والتي تحمّل بضائع متنوعة، على أن ينقلوا السلاح مقابل أجر يبلغ 500 دولار أميركي فقط، فيقوم السائق بالتوجه الى مكان تواجد السلاح ليتم توضيبه من قبل أشخاص معينين، وتُعطى التعليمات للسائق بأن يتوجه الى نقطة محددة في لبنان للتوقف فيها، وبالتالي لا يعرف السائق لا إسم المصدّر في تركيا، ولا إسم التاجر في لبنان الذي تصل إليه القطع المهربة، ولا يعرف سوى مكان التوقف الذي عليه الوصول إليه.
خدمة التوصيل على عاتق التاجر في تركيا بعد وصول الشاحنات الى لبنان يتوجه السائق الى النقطة المتفق عليها للتوقف، فيُلاقيه أحدهم ليقول له “أنا من جهة فلان”، فيتسلم البضاعة ويرحل، على أن يكون الدفع قد حصل مباشرة بين التاجر في لبنان والآخر في تركيا عبر شركات تحويل الأموال غير الشرعية.
بحسب المصادر فإن الشاحنة التي اشتعلت فيها النيران في البترون بسبب سوء التوضيب في تركيا، حيث تم وضع البطانة قرب المحرك ما أدى لاشتعال “السفنج” فيها بعد وقت قصير، كانت متجهة الى نقطة قريبة من السفارة الكويتية في بيروت. في سياسة العمل الجديدة بين التاجر في تركيا وتجار لبنان، فإن الأول هو المسؤول عن النقل، على عكس ما كان عليه الحال يوم كان خ.ي هو الممسك باستيراد السلاح التركي، وهذا من شأنه أن يزيد أرباح التاجر في تركيا، وبالتالي فإن ذلك يطرح أسئلة كثيرة حول كيفية خروج هذه البضاعة من مرفأ طرابلس، فهل هناك علاقات ما بين التاجر والمسؤولين عن الأمن والتفتيش في لبنان، علماً أن صاحب البضاعة الأساسية المستوردة لا يعلم ما بداخل الشاحنات.
المسدس التركي “قصير العمر”
يُدعى “ريتاي” ويأتي بأكثر من شكل، مثل ريتاي pt 24 الذي تم ضبطه مؤخراً، وهذا السلاح لم يُصنع لإطلاق النار الحي، ولذلك يخضع للخراطة في لبنان لتغيير “السبطانة” فيصبح قادراً على إطلاق رصاص من عيار 9 ملم، ولكن عمر هذا المسدس قصير للغاية، فلكل سلاح عمر افتراضي وعدد طلقات معينة يطلقها قبل أن يخرج من الخدمة، وهذا المسدس صُنع لإطلاق طلقات خلّبية، وبالتالي عند استخدام الطلقات الحقيقية ينقص عمره أكثر، بحيث لا يُتوقع أن يطلق اكثر من 40 الى 50 رصاصة، مع العلم أن خطر انفجاره باليد قائم وموجود بقوة.
 

المصدر : خاص “الملفات” – محمد علوش